ثم إنهم أرادوا أن يكتبوا إلى موسى ومفلح بالانصراف وتسليم العسكر إلى من فيه من القواد، فأجمعوا على أن يكتبوا إليهما بذلك كتابا، وكتبا إلى بعض القواد في تسلم العسكر منهما، وكتبا إلى الصغار بما سأل أصحابهم بسامرا وما أجيبوا إليه، وأمر بنسخ الكتب التي كتبت إلى القواد، وأن ينظروا، فإن سارع موسى ومفلح إلى ما أمرا به من الإقبال إلى الباب في غلمانهم وتسليم العسكر إلى من أمرا بتسليمه إليه، وإلا شدوهما وثاقا، وحملوهما إلى الباب، ووجهوا هذه الكتب مع ثلاثين رجلا منهم، فشخصوا عن سامرا ليلة الجمعة لخمس خلون من رجب من هذه السنة، وأجرى على من أخذت عليه البيعة في الدار على كل رجل منهم في اليوم درهمان، فكان المتولي لتفرقة ذلك عليهم عبد الله بن تكين، وهو خال ولد كنجور.
ولما تناهى الخبر إلى موسى وأصحابه اتهم كنجور، وأمر بحبسه بعد أن ناله بالضرب، وموسى حينئذ بالسن ولما انتهى الخبر إلى بايكباك وهو بالحديثة أقبل إلى السن، فاستخرج كنجور من الحبس، واجتمع العسكر بالسن، ووصل إليهم الرسل، وأوصلوا الكتب، وقرءوا بعضها على أهل العسكر، وأخذوا عليهم البيعة بالنصرة لهم، فارتحلوا حتى نزلوا قنطرة الرفيف يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب، وخرج المهتدي في هذا اليوم إلى الحير، وعرض الناس، وسار قليلا، ثم عاد وأمر أن تخرج الخيام والمضارب فتضرب في الحير، وأصبح الناس يوم الجمعة، وقد انصرف من عسكر موسى زهاء ألف رجل، منهم كوتكين وخشنج.
ثم خرج المهتدي إلى الحير، ثم صير ميمنته عليها كوتكين، وميسرته عليها حشنج، وصار هو في القلب، ثم رجع الرسل تختلف بين العسكرين.
والذي يريد موسى بن بغا أن يولى ناحية ينصرف إليها، والذي يريد القوم من موسى أن يقبل في غلمانه ليناظرهم، فلم يتهيأ بينهم في ذلك اليوم شيء فلما كان ليلة السبت، انصرف من أراد الانصراف عن موسى، ورجع موسى ومفلح يريدان طريق خراسان في زهاء ألف رجل، ومضى بايكباك