وجماعة من قواده في ليلتهم مع عيسى الكرخي، فباتوا معه، ثم أصبحوا يوم السبت، وأقبل بايكباك ومن معه حتى دخلوا الدار، فأخذت سيوفهم بايكباك ويارجوخ وأساتكين وأحمد بن خاقان وخطارمش وغيرهم فوصلوا جميعا إلى المهتدي، فسلموا، فأمروا بالانصراف إلا بايكباك، فإن المهتدي أمر أن يوقف بين يديه، ثم أقبل يعدد عليه ذنوبه، وما ركب من أمر المسلمين والإسلام.
ثم إن الموالي اعترضوه، فأدخلوه حجرة في الدار، وأغلقوا عليه الباب، ثم لم يلبث إلا قدر خمس ساعات حتى قتل يوم السبت من الزوال واستوى الأمر، فلم تكن حركة، ولا تكلم أحد إلا نفر يسير أنكروا أمر بايكباك، ولم يظهروا كل الجزع فلما كان يوم الأحد، أنكر الأتراك مساواة الفراغنة لهم في الدار ودخولهم معهم، ووضح عندهم أن التدبير إنما جرى في قتل رؤسائهم حتى يقدم عليهم الفراغنة والمغاربة، فخرجوا من الدار بأجمعهم، وبقيت الدار على الفراغنة والمغاربة، وأنكر الأتراك بناحية الكرخ ذلك، وأضافوا إليه طلب بايكباك لاجتماع أصحاب بايكباك معهم، فأدخل المهتدي إليه جماعة من الفراغنة، وأخبرهم بما أنكره الأتراك، وقال لهم: إن كنتم تعلمون أنكم تقومون بهم، فما يكره أمير المؤمنين قربكم، وإن كنتم بأنفسكم تظنون عجزا عنهم أرضيناهم بالمصير إلى محبتهم من قبل تفاقم الأمر فذكر الفراغنة أنهم يقومون بهم ويقهرونهم، إذا اجتمعت كلمتهم وكلمة المغاربة، وعددوا أشياء كثيرة من تقديمهم عليهم وأرادوا المهتدي على الخروج إليهم، فلم يزل كذلك إلى الظهر، ثم ركب وأكثر الفرسان الفراغنة وأكثر الرجالة المغاربة، ووجه إليهم وهم بين الكرخ والقطائع والأتراك زهاء عشرة آلاف، وهم في ستة آلاف لم يكن معهم من الأتراك إلا اقل من الف، وهم اصحاب صالح ابن وصيف وجماعة مع يارجوخ فلما التقى الزحفان، انحاز يارجوخ بمن معه من الأتراك، وانهزم أصحاب صالح بن وصيف، فرجعوا إلى منازلهم وخرج طاشتمر من خلف الدكة، وكانوا جعلوا كمينا، وتصادم القوم، فكانت الحرب بينهم ساعة من النهار، ضربا وطعنا ورميا.
ثم وقعت الهزيمة على أصحاب المهتدي، فثبت وأقبل يدعوهم الى نفسه،