ويد أبي حمزة على نفض دجلة واتباع المنهزمين من الزنج والإيقاع بكل من لقوا من أصحاب الفاسق، إلى أن ينتهى بهم السير إلى مدينته بنهر أبي الخصيب، وإن رأوا موضع حرب حاربوه في مدينته، وكتبوا بما كان منهم إلى أبي أحمد ليرد عليهم من أمره ما يعملون بحبسه واستخلف أبو أحمد على من خلف في عسكره بواسط ابنه هارون، وأزمع على الشخوص فيمن خف من رجاله وأصحابه، ففعل ذلك بعد أن تقدم إلى ابنه هارون في أن يحدر الجيش الذي خلفه معه في السفن إلى مستقره بدجلة إذا وافى كتابه بذلك وفي يوم الجمعة لليلة خلت من جمادى الآخرة من هذه السنة- وهي سنة سبع وستين ومائتين ارتحل أبو أحمد من واسط شاخصا إلى الأهواز وكورها، فنزل باذبين ثم جوخي ثم الطيب ثم قرقوب ثم درستان ثم على وادي السوس، وقد كان عقد له عليه جسر، فأقام به من أول النهار إلى آخر وقت الظهر، حتى عبر أهل عسكره أجمع، ثم سار حتى وافى السوس، فنزلها- وقد كان أمر مسرورا- وهو عامله على الأهواز- بالقدوم عليه، فوافاه في جيشه وقواده من غد اليوم الذي نزل فيه السوس، فخلع عليه وعليهم، وأقام السوس ثلاثا.
وكان ممن أسر بطهيثا من أصحاب الفاسق أحمد بن موسى بن سعيد المصرى المعروف بالقلوص، وكان أحد عدده وقدماء أصحابه، أسر بعد أن أثخن جراحا كانت منها منيته، فلما هلك امر ابو احمد باحتزاز رأسه ونصبه على جسر واسط.
وكان ممن أسر يومئذ عبد الله بن محمد بن هشام الكرماني، وكان الخبيث اغتصبه أباه، فوجهه إلى طهيثا، وولاه القضاء والصلاة بها وأسر من السودان جماعة كان يعتمد عليهم، أهل نجدة وبأس وجلد، فلما اتصل به الخبر بما نال هؤلاء انتقض عليه تدبيره، وضلت حيله، فحمله فرط الهلع على أن كتب إلى المهلبي وهو يومئذ مقيم بالأهواز في زهاء ثلاثين ألفا مع رجل كان صحبه، يأمره بترك كل ما قبله من المير والأثاث، والإقبال إليه، فوصل