الكتاب إلى المهلبي وقد أتاه الخبر بإقبال أبي أحمد إلى الأهواز وكورها، فهو لذلك طائر العقل، فترك جميع ما كان قبله، واستخلف عليه محمد بن يحيى ابن سعيد الكرنبائي، فدخل قلب الكرنبائي من الوجل، فأخلى ما استخلف عليه، وتبع المهلبي، وبجبى والأهواز ونواحيها يومئذ من أصناف الحبوب والتمر والمواشي شيء عظيم، فخرجوا عن ذلك كله.
وكتب أيضا الفاسق إلى بهبوذ بن عبد الوهاب، وإليه يومئذ عمل الفندم والباسيان وما اتصل بهما من القرى التي بين الأهواز وفارس، وهو مقيم بالفندم، يأمره بالقدوم عليه، فترك بهبوذ ما كان قبله من الطعام والتمر- وكان ذلك شيئا عظيما- فحوى جميع ذلك أبو أحمد، فكان ذلك قوة له على الفاسق، وضعفا للفاسق.
ولما فصل المهلبي عن الأهواز تفرق أصحابه في القرى التي بينها وبين عسكر الخبيث فانتهبوها، وأجلوا عنها أهلها، وكانوا في سلمهم، وتخلف خلق كثير ممن كان مع المهلبي من الفرسان والرجالة عن اللحاق به، فأقاموا بنواحي الأهواز وكتبوا يسألون أبا احمد الامان لما انتهى اليهم من عفوه عمن ظفر به من أصحاب الخبيث بطهيثا، ولحق المهلبي ومن اتبعه من أصحابه بنهر أبي الخصيب.
وكان الذي دعا الفاسق إلى أمر المهلبي وبهبوذ بسرعة المصير إليه خوفه موافاة أبي أحمد وأصحابه إياه على الحال التي كانوا عليها من الوجل وشدة الرعب مع انقطاع المهلبي وبهبوذ فيمن كان معهما عنه، ولم يكن الأمر كما قدر.
وأقام أبو أحمد حتى أحرز ما كان المهلبي وبهبوذ خلفاه، وفتحت السكور التي كان الخبيث أحدثها في دجلة، وأصلحت له طرقه ومسالكه ورحل أبو أحمد عن السوس الى جنديسابور، فأقام بها ثلاثا، وقد كانت الأعلاف ضاقت على أهل العسكر، فوجه في طلبها، وحملها ورحل عن