وعرادة وقوس ناوكية، وخلوا عن تلك الناحية وأسلموها وقد كان أبو العباس قصد بأصحابه في الخيل النهر المعروف بمنكى، فمضى علي بن أبان المهلبي في أصحابه، قاصدا لمعارضته ودفعه عما صمد له، والتقيا، فظهر أبو العباس عليه وهزمه، وقتل جمعا كثيرا من أصحابه، وأفلت المهلبي راجعا، وانتهى أبو العباس إلى الموضع الذي قدر أن يصل منه إلى مدينة الفاسق من مؤخر نهر منكى، وهو يرى أن المدخل من ذلك الموضع سهل، فدخل إلى الخندق فوجده عريضا ممتنعا، فحمل أصحابه على أن يعبروه بخيولهم، وعبره الرجالة سباحة حتى وافوا السور، فثلموا فيه ثلما اتسع لهم منه الدخول فدخلوا، فلقي أوائلهم سليمان بن جامع، وقد أقبل للمدافعة عن تلك الناحية لما انتهى إليه انهزام المهلبي عنها، فحاربوه، وكان أمام القوم عشرة من غلمان الموفق، فدافعوا سليمان وأصحابه، وهم خلق كثير، وكشفوهم مرارا كثيرة، وحاموا عن سائر أصحابهم حتى رجعوا إلى مواضعهم.
وقال محمد بن حماد: لما غلب أصحاب الموفق على الموضع الذي كان الفاسق حرسه بابنه والمذكورين من أصحابه وقواده، وشعثوا من السور الذي أفضوا إليه ما أمكنهم تشعيثه، وافاهم الذين كانوا أعدوا للهدم بمعاولهم وآلاتهم، فثلموا في السور عدة ثلم، وقد كان الموفق اعد الخندق الفسقة جسرا يمد عليه، فمد عليه، وعبر جمهور الناس فلما عاين الخبثة ذلك، ارتاعوا فانهزموا عن سور لهم ثان قد كانوا اعتصموا به، ودخل أصحاب الموفق مدينة الخائن، فولى الفاجر وأشياعه منهزمين، وأصحاب الموفق يتبعونهم ويقتلون من انتهوا إليه منهم، حتى انتهوا إلى النهر المعروف بابن سمعان، وصارت دار ابن سمعان في أيدي أصحاب الموفق، وأحرقوا ما كان فيها وهدموها، ووقف الفجرة على نهر ابن سمعان وقوفا طويلا، ودافعوا مدافعة شديدة، وشد بعض غلمان الموفق على علي بن أبان المهلبي، فأدبر عنه هاربا، فقبض على مئزره، فخلى عن المئزر، ونبذه إلى الغلام، ونجا بعد أن أشفى على الهلكة، وحمل أصحاب الموفق على الزنج حملة صادقة، فكشفوهم عن النهر المعروف بابن سمعان،