للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يقطعه، فسمى لذلك قائدين من قواد غلمانه، وأمرهما بالعبور في جميع أصحابهما في السلاح الشاك واللأمة الحصينة والآلات المحكمة، وإعداد النفاطين والآلات التي تقطع بها الجسور، فأمر أحد القائدين أن يقصد غربي النهر، وجعل الآخر في شرقيه، وركب الموفق في مواليه وخدامه وغلمانه الشذوات والسميريات، وقصد فوهة نهر أبي الخصيب، وذلك في غداة يوم السبت لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة تسع وستين ومائتين، فسبق إلى الجسر القائد الذي كان أمر بالقصد له من غربي نهر أبي الخصيب، فأوقع بمن كان موكلا به من أصحاب الفاسق، وقتلت منهم جماعة، وضرب الجسر بالنار، وطرح عليه القصب وما كان أعد له من الأشياء المحرقة، فانكشف من كان هناك من أعوان الخبيث، ووافى بعد ذلك من كان أمر بالقصد للجسر من الجانب الشرقي، ففعلوا ما أمروا به من إحراقه وقد كان الخبيث أمر ابنه أنكلاي وسليمان بن جامع بالمقام في جيشهما للمحاماة عن الجسر، والمنع من قطعه، ففعلا ذلك، فقصد إليهما من كان بإزائهما، وحاربوهم حربا غليظا حتى انكشفا، وتمكنوا من إحراق الجسر فأحرقوه، وتجاوزوه إلى الحظيرة التي كان يعمل فيها شذوات الفاسق وسميرياته وجميع الآلات التي كان يحارب بها، فأحرق ذلك عن آخره إلا شيئا يسيرا من الشذوات والسميريات كان في النهر، وانهزم أنكلاي وسليمان بن جامع، وانتهى غلمان الموفق إلى سجن كان للخبيث في غربي نهر أبي الخصيب، فحامى عنه الزنج ساعة من النهار حتى أخرجوا منه جماعة، وغلبهم عليه غلمان الموفق، فتخلصوا من كان فيه من الرجال والنساء، وتجاوز من كان في الجانب الشرقي من غلمان الموفق، بعد أن أحرقوا ما ولوا من الجسر إلى الموضع المعروف بدار مصلح، وهو من قدماء قواد الفاسق، فدخلوا داره وأنهبوها، وسبوا ولده ونساءه، وأحرقوا ما تهيأ لهم إحراقه في طريقهم، وبقيت من الجسر في وسط منه أدقال قد كان الخبيث أحكمها، فامر

<<  <  ج: ص:  >  >>