فلما اوعب املاءه امر كاتبه بدفعه الى لأقرأه قال: فحسن عندي الكتاب، وقلت له: قد كان لإبراهيم بن العباس كتاب في العصبية فقال لي: ما اعرفه، فما هو؟
قلت: حدثنى عون بن محمد الكندى قال: قدم علينا بسر من راى كاتب من اهل الشام، يقال له عبد الله بن عمرو من بنى عبد كان المصريين، فجعل يستصغر كتاب سر من راى، ولا يرضى احدهم قال عون: فحدثت ابى بحديثه فانف من ذلك، وقال: والله يا بنى لاضعفنه ولاهونن نفسه اليه فمضى به الى ابراهيم بن العباس، وادخله عليه، وهو يملى رساله في قتل إسحاق بن اسماعيل، وفيها ذكر العصبية، فسمع الشامي ما اعجبه، وقال لأبي: هذا من لم تلد النساء مثله فانى سمعته يملى شيئا كأنه فيه تدبر مبين قال عون فنسخ ابى ما املاه من الرسالة وهو:
وقسم الله عدوه اقساما ثلاثة: روحا معجلة الى عذاب الله، وجثه منصوبه لأولياء الله، وراسا منقولا الى دار خلافه الله، استنزلوه من معقل الى عقال، وبدلوه آجالا من آمال، وقديما غذت العصبية أبناءها، فحلبت عليهم درها مرضعه، وركبت بهم مخاطرها موضعه، حتى إذا وثقوا فآمنوا وركبوا فاطمأنوا وامتد رضاع، وآن فطام، فجرت مكان لبنها دما وأعقبتهم من حلو غذائها مرا، ونقلتهم من عز الى ذل، ومن فرحه الى ترحه، ومن مسره الى خسره، قتلا واسرا، وغلبه وقسرا، وقل من وأضع في الفتنة مرهجا، واقتحم لهبها مؤجحا الا استلحمته آخذه بمخنقه، وموهنه بالحق كيده، حتى جعلته لعاجله جزرا ولأجله حطبا، وللحق موعظه وعن الباطل مزجره، أولئك لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وما الله بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ*.
وورد الخبر في ذي الحجه بوثوب اصحاب اسفار بن شيرويه الديلمى المتغلب على الري عليه، واعتزامهم على قتله، وانه هرب في نفر من خاصته وغلمانه، فصار مكانه الى الري ديلمى يقال له مرداويج بن زيار