ومن الحوادث في هذه السنه ان الحريق وقع ليله الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى في دار محمد بن على بن مقله التي كان بناها بالزاهر على شاطئ دجلة، ويقال انه انفق فيها مائتي الف دينار، فاحترقت بجميع ما كان فيها، واحترقت معها دور له قديمه، كان يسكنها قبل الوزارة، وانتهب الناس ما بقي من الخشب والحديد والرصاص، حتى صارت مستطرقا للسابلة من دجلة، وبطل على السلطان ما كان يصير اليه من اجارات الزاهر، وذلك جمله وافرة في السنه، ثم امر السلطان بسد أبوابها ومنع السابلة من تطرقها، وتحدث الناس بان محمد بن ياقوت فعل ذلك لضغن كان لمحمد بن على بن مقله عنده في قلبه.
وفيها خلع المقتدر على ابنه ابى عبد الله هارون لتقلد فارس وكرمان يوم الاثنين لست بقين من شوال، وركب في الخلع الى داره المعروفه بجراده، بقرب الجسر، وكان المقتدر قد ثقف ولده هذا بنصر الحاجب، وجعله في حجره، فلما مات نصر تكفل امره ياقوت كما كان يتكفله نصر قبله، الا ان نصرا كان يهدى له، ويتقرب اليه.
قال الصولي: انا شهدت نصرا الحاجب قد اشترى ضيعه على نهر ديالى والنهروان يقال لها قرهاطيه، كانت للنوشجانى، فاشتراها حصصا واقساما وقامت عليه بثمانية عشر الف دينار، ثم أهداها الى ابى عبد الله بن المقتدر، وهي تساوى ثلاثين الف دينار، وصنع له فيها ولأخيه ابى العباس يوم أهداها اليه وخرجا معه إليها في وجوه القواد والغلمان، فأقاموا بها يومين، وانفق عليهم نصر مالا جسيما، ووصل الغلمان والخدم بصلات سنيه، وحمل بعضهم على خيل بسروجها ولجمها، قال: وحكى لي بعض وكلائه انه احصى ما ذبح في هذين اليومين من حمل وجدي وطير وغير ذلك من صنوف الدراج والطائر فبلغ ذلك اربعه آلاف راس.
قال الصولي: ولما خلع على ابى عبد الله هارون للولاية، وصح عزمه على الخروج، دعانى الى المسير معه والكون في عديد صحبه، فكره ذلك الأمير ابو العباس بن المقتدر، فاعتلك على ابى عبد الله، فغضب على وقطع اجراءه عنى قال: ثم بلغنى ان خروجه غير تام، فكتبت اليه بقصيده فيها تشبيب حسن ومديح مثله.
واجتلب الصولي جميع القصيده في كتاب الورقه الذى الفه باخبار الدولة، فرايت