لا يرد احدهم وجها عن عدو، فسار مؤنس الى سر من راى، وعسكر بالجانب الشرقى.
واجتمع الناس بقصر الجص الى مؤنس فكلمهم ووعدهم، وقال لهم: ما انا بعاص لمولاي، ولا هارب عنه، وانما هذه طبقه عادتنى، وغلبت على مولاى، فأثرت التباعد الى ان يفيقوا من سكرتهم، واتامل امرى معهم، ولست مع هذا اتجاوز الموصل اللهم الا ان يختار مولاى مسيرى الى الشام، فاسير إليها وقال لهم في خلال ذلك: من اراد الرجوع الى باب الخليفة فليرجع، ومن اراد المسير معى فليسر، فردوا عليه احسن مرد وقالوا له: نحن في طاعتك، ان سرت سرنا، وان عدت عدنا.
وبعث مؤنس أبا على المعروف بزعفران مع عشره من القرامطة في مال كان له مودعا عند بعض وكلائه بعكبراء، فأتاه منها بخمسين الف دينار، فدفع منها مؤنس ارزاق من كان معه، وزادهم خمسه دنانير واقام مؤنس يومه ذلك بقصر الحص، فاحترق سقف من سقوف القصر، فشق ذلك على مؤنس، واجتهد في إطفاء النار فتعذر ذلك عليه، ثم سار وهو مغموم لما دار من الحريق في القصر، يريد الموصل.
ونفذت كتب الوزير ابن القاسم من المقتدر الى جميع من في الغرب من القواد كبني حمدان وابن طغج صاحب دمشق، والى تكين صاحب مصر، والى ولاه ديار ربيعه والجزيرة وآذربيجان وملوك أرمينية والثغور الجزرية والشامية يأمرهم، بأخذ الطرق على مؤنس ويلبق وولده وزعفران، ومن كان معهم ومحاربتهم والقبض عليهم.
وبلغ ذلك مؤنسا، فغمه الأمر، وكتمه عن جميع من كان معه وسار الى تكريت، وقد انصرف عنه اكثر من كان معه ثم ان مؤنسا فكر في امره والى اين يكون توجهه، فلم يجد في نفسه اوثق عنده ولا اشكر ليده من بنى حمدان فانه كان عند ذكره إياهم يقول: هم أولادي، وانا أظهرتهم وكانت له عند حسين بن حمدان وديعة، فاراد ان يجتاز به ويأخذها ويسير بها الى الرقة، وقد كان بلغه تجمع بنى حمدان وحشدهم لمحاربته، فلم يصدق ذلك، ثقه منه بهم، فرحل عن تكريت الى بنى حمدان، بعد ان شاور من حضره في الطرق التي يأخذ عليها، فأشارت عليه طائفه بقطع البريه والخروج الى هيت ثم المسير الى شط الفرات وقال يلبق وزعفران لمؤنس: