الصواب مسيرك الى الموصل كيف تصرفت الحال لوجوه من المصالح، اما واحده فلعجزك عن ركوب البريه فتتعجل الرفاهية في الماء، واخرى لئلا يقال: جزع لما بلغه خبر بنى حمدان وتجمعهم، وثالثه انك ان بليت بقتالهم كانوا اسهل عليك من غيرهم، فوقع هذا الرأي من مؤنس بالموافقة، وسار يريد بنى حمدان فلم يلق لهم في طريقه رسولا، ولا سمع لهم خبرا الى ان وافى عليه بشرى النصراني كاتب ابى سليمان داود بن حمدان، فاستأذن عليه يوم السبت لليلة بقيت من المحرم، وخلا بمؤنس وادى اليه رساله صاحبه ورساله الحسين بن حمدان وابى العلاء وابى السرايا بأنهم على شكره ومعرفه حق يده، ولكنهم لا يدرون كيف الخلاص مما وقعوا فيه، فان أطاعوا سلطانهم كانوا قد كفروا نعمه مؤنس اليهم، وان أطاعوا مؤنسا وعصوا سلطانهم، نسبوا الى الخلعان، وسألوه ان يعدل عن بلدهم لئلا يلتقوا به ولا يمتحنوا بحربه فقال له مؤنس: قل لهم عنى: قد كنت ظننت بكم غير هذا، وما أخذت نحوكم الا لثقتي بكم، وطمعي في شكركم، فإذا خالفتم الظن فليس الى العدول عنكم سبيل، ونحن سائرون نحوكم بالغد، كائنا ما كان منكم وأرجو ان إحساني إليكم سيكون من انصارى عليكم، وخذلانكم لي غير صارف لفضل الله عنى وبات مؤنس بقصور مرج جهينة، وكان عسكر بنى حمدان بحصباء الموصل، وبات المحسن زعفران في الطلائع على المضيق الذى منه المدخل الى الموصل، وباكر مؤنس المسير في الماء على رسمه قبل ذلك.
وسار اهل العسكر على الظهر، ووقع ابو على المحسن زعفران في آخر الليل على مقدمه بنى حمدان التي كانوا أنفذوها نحو المضيق، فقتل منهم جماعه واسر نحو ثلاثين رجلا، وملك المضيق وامده يلبق برجال زياده على من كان معه وصبح الناس القتال يوم الأحد لثلاث خلون من صفر، وما كان جميع من يضمه عسكر مؤنس الا ثمانمائه وثلاثة واربعين فارسا، وستمائه وثلاثين راجلا بين اسود وابيض.
هكذا حكى الفرغاني عن احمد بن المحسن زعفران وكان شاهدا مع ابيه في عسكر مؤنس، وعنه ينقل اكثر الحكايات وكان بنو حمدان في عساكر عظيمه قد حشدوها من العرب والعجم وقبائل الاعراب وغيرهم، فتلاقى الفريقان على تعبئه، وأخذ مؤنس ويلبق وابنه ومن كان معهم من القواد في حربهم احزم ماخذ، وتوزعوا على مقدمه وميمنه وميسره وقلب، وجعلوا في كل مصاف منها ثقاتهم واكابر قوادهم ثم