وانفذ حامد بالفتيا والمحضر الى المقتدر، فلم يخرج جوابهما، فلم يجد بدا من نصره نفسه، فكتب الى المقتدر: إذا اهمل امر الحلاج بعد إفتاء الفقهاء بإباحة دمه، افتتن الناس به فوقع المقتدر: إذا افتى الفقهاء بقتله، فادفعه الى محمد ابن عبد الصمد، صاحب الشرطه، ومره ان يضربه الف سوط، فان تلف وإلا ضرب عنقه والحلاج يستطلع الى الاخبار، فلما اخبر ان ابن عبد الصمد عند الوزير قال: هلكنا والله.
واخرج يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعده الى رحبه الجسر، وقد اجتمع من العامه امم كثيره، فضرب الف سوط، فما تاوه ولا استعفى، وقطعت يداه ورجلاه، وحز راسه، واحرقت جثته، ونصب راسه يومين على الجسر، وحمل الى خراسان، فطيف به.
وزادت دجلة زياده عظيمه، فادعى اصحابه ان ذلك لأجل ما القى فيها من رماد جثته.
وادعى قوم من اصحابه، انهم راوه راكبا حمارا في طريق النهروان وقال لهم:
انما حولت دابه في صورتي، ولست المقتول كما ظن هؤلاء البقر.
وكان نصر الحاجب يقول: انما قتل ظلما.
ومن شعر الحلاج:
وما وجدت لقلبي راحه ابدا ... وكيف ذاك وقد هيئت للكدر
لقد ركبت على التغرير وا عجبا ... ممن يريد النجا في المسلك الخطر
كأنني بين امواج تقلبني ... مقلب بين اصعاد ومنحدر
الحزن في مهجتي والنار في كبدي ... والدمع يشهد لي فاستشهدوا بصرى
ومن شعره:
الكاس سهل لي الشكوى فبحت بكم ... وما على الكاس من شرابها درك
هبنى ادعيت بانى مدنف سقم ... فما لمضجع جنبي كله حسك
هجر يسوء ووصل لا اسر به ... مالي يدور بما لا اشتهى الفلك
فكلما زاد دمعي زادني قلقا ... كأنني شمعه تبكى فتنسبك