واشخص ابن الفرات الفقهاء والقضاه والكتاب، فيهم النعمان بن عبد الله، وكان قد تاب من عمل السلطان، فحضر بطيلسان، وناظره ابن الفرات مناظره طالت، وكان عمد ابن الفرات ان قال له: الضمان الذى ضمنته من الخاقانى سنه تسع وتسعين ومائتين لا يمضيه الفقهاء والكتاب لأنه ضمان مجهول، وضمنت اثمان غلات لم تزرع، فقال له حامد: فقد عملت بي كذلك حين ضمنتنى باعمال بالصدقات والضياع بالبصرة وكور دجلة، فقال ابن الفرات: الغلة بالبصرة يسيره، وانما ضمنت الثمره، فقال حامد فمن أحل بيع الثمره قبل إدراكها، وهي خضره في الزرع؟ فقال المحسن لحامد: هذا الكلوذانى، كاتبك وكتابه يشهدون عليك بما اقتطعته، فقال: هؤلاء كتاب الوزير الان هواه.
ولزمت ابن الفرات حججه، حتى قال له حامد: لم امضيت ضماني في وزارتك الثانيه؟ فقال ابن الفرات: لهذا نقلني امير المؤمنين الى حبسه.
وذكر حامد حججا كانت في يده، فقال ابن الفرات: انا فتشت صناديقك، فلم أجد فيها ما ذكرت، وانا المقدم بإحضارها وتفتيشها فقال حامد: افتشتها بعد ان فتشها الوزير، وقبضها نازوك وفتح أقفالها! فخجل ابن الفرات وتعجب الناس من استيفاء حامد الحجه.
فاخرج ابن الفرات عملا وجده في صناديق غريب غلام حامد، وهذا الغلام كان يتولى بيع غلات حامد، وحمل ذلك سهوا لان حامدا كان يجمع حسباناته، ويغرقها في دجلة، فراى انه قد بيع غلات تلك السنه سوى القضيم بخمسمائة الف دينار ونيف واربعين الف دينار، فبان الفضل، وظهر التضاعف، مع كون الأسعار رخيصه في تلك السنه، وعاليه فيما بعدها.
وقال حامد لابن الفرات: اننى اكرم الوزير عن اسماع ابنه جواب ما يشتمني، فحلف ابن الفرات برأس الخليفة، ان لم يمسك ابنه استعفى الخليفة في هذه القضية