فامسك المحسن حينئذ، واعيد حامد الى محبسه وطولب بالمال، فأقام على انه لا مال عنده، وانه قد باع ضياعه، وباع داره من نازوك بمدينه السلام باثنى عشر الف دينار، وباع خدمه، وباع اخصهم به من نازوك بثلاثين الف دينار.
فالتفت الخادم الى نازوك وقال له: لا تستضع بي، فلا تبتعنى، فلم يقبل منه، وابتاعه، فلما كان في تلك الليلة شرب الخادم زرنيخا فمات من ليلته.
وخلا ابن الفرات بحامد، وقال: ان اخبرت باموالك، صنتك عن مكاره ابنى، ووليتك فارس، وحلف له على ذلك، فاقر بدفائنه في بلاليع بواسط، وقدرها خمسمائة الف دينار، وثلاثمائة الف عند قوم من العدول، واقر بقماش له عند ابن شابده وابن المنتاب وإسحاق بن أيوب وعلى بن فرج بثلاثمائة الف دينار.
فعرف المقتدر ذلك، وقال له ابن الفرات: قد اقر بذلك، عفوا من غير مكروه.
وما زال ابن الفرات مكرما لحامد، يلبسه لين الثياب، ويطعمه هنى الطعام، الى ان توصل المحسن على يدي مفلح الى المقتدر، ان يتقدم الى ابيه باستخلافه، فاستخلفه على كره من الأب لذلك، وخلع المقتدر عليه، وصار الى داره، فمضى اليه الكتاب والعمال للتهنئه، فسقطوا من درجه ساج صعدوا عليها من زبازبهم، فلحقتهم العلل لذلك.
وضمن حامدا الخمسمائة الف دينار، واحضره، فطالبه فقال: لم يبق غير ضياعي، وانا اوكل في بيعها، فامر بصفعه، فصفع خمسين صفعه، واحدره الى واسط مع خادم وعشره فرسان، وذلك في عاشر شهر رمضان سنه احدى عشره وثلاثمائة.
وشاع ببغداد ان حامدا اشتهى بيضا، فطرح له الخادم فيه سما، فأكله، فلحقه ذرب، ودخل واسطا، وهو مثخن، فقام اكثر من مائه مجلس.
فاراد البزوفري الاستظهار لنفسه، فاحضر القاضى وشهوده وكتب: ان حامدا، وصل الى واسط، فتسلمه البزوفري وهو عليل من ذرب وان تلف من ذلك، فإنما مات حتف انفه.
فلما دخل الشهود وقد قرر مع حامد الاشهاد على نفسه قال لهم: ان ابن الفرات