للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حال لا يجوز لقاء مثلك عليها، وهو يعتذر من تأخر الاجتماع باعتراض ما اعترض منها، وإذا تكلف سيدنا العود في غداه غد، لقيه ووفاه من الحق ما يجب ان يوفيه اياه، والطيار يباكر بابه وانصرف ابو الحسن.

وعاد ابو جعفر الى معز الدولة، فقال له: وافى على بن عيسى للقائك وخدمتك، فاعتذرت اليه عنك بانك على نبيذ، ولم يجز ان يراك عليه، فقال: من؟ على بن عيسى فقال: وزير المقتدر بالله، قال: ذلك العظيم! قال: نعم، قال: ما وجب ان ترده، فانى كنت اقوم الى مجلس آخر والقاه فيه، فقال: ما كان يحسن ان يشم منك رائحه شراب، وفي غد يباكرك، فقال معز الدولة: فكيف اعامله؟ وما الذى اقول له؟ فقال له الصيمرى: تنزعج له بعض الانزعاج، وترفع مجلسه، وتعطيه مخده من مخادك وتقول له: ما زلت مشتاقا الى لقائك، ومتشوقا للاجتماع معك، واريد ان تشير على في تدبير الأمور، وعماره البلاد بما يكون الصواب فيه عندك.

وجاء ابو الحسن على بن عيسى من غد، ودخل معز الدولة، فوفاه من الإجلال والاكرام اكثر مما وافقه عليه ابو جعفر، واعطاه مخده من دسته، فقبلها ابو الحسن وقال له ما يقال لمثله، فقال له معز الدولة: كنا نسمع بك، فيعظم عندنا امرك، ويكثر في نفوسنا ذكرك، وقد شاهدت منك الان ما كنت مؤثرا واليه متطلعا، والدنيا خراب، والأمور على ما تراه من الانتشار، فأشر على بما عندك في اصلاح ذلك.

فقال له ابو الحسن: هذه النيه منك ايها الأمير داعيه الى الخير، ومسهله للنجح، وطريق العمارة ودرور المادة، واستقامه امر الجند والرعية والعدل، والذى اهلك الدنيا، واذهب الأموال، واخرج الممالك عن يد السلطان خلافه، وانما يتأتى الصلاح وتطرد الأغراض بالولاة الموفقين، والأعوان الناصحين.

وحدثنا عمر بن شبه قال: حدثنا فلان-[وذكر الاسناد عن النبي ص- انه قال: إذا اراد الله بوال خيرا قيض له وزير صدق، ان غفل اذكره، وان رقد أيقظه،] وقد وفق الله للأمير من هذا الأستاذ، - واشار لأبي جعفر- من تمت فيه اسباب الكفاية، وبانت فيه شواهد المخالصة، ويوشك ان يجرى الخير على يده ويتأتى المراد بحسن تدبيره

<<  <  ج: ص:  >  >>