للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاملة العماليق، فجمع جذيمة جموعا من العرب، فسار إليه يريد غزاته، وأقبل عمرو بن ظرب بجموعه من الشام، فالتقوا، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل عمرو بن ظرب، وانفضت جموعه، وانصرف جذيمة بمن معه سالمين غانمين، فقال في ذلك الأعور بن عمرو بن هناءة بن مالك بن فهم الأزدي:

كأن عمرو بن ثربى لم يعش ملكا ... ولم تكن حوله الرايات تختفق

لاقى جذيمة في جأواء مشعلة ... فيها حراشف بالنيران ترتشق

فملكت من بعد عمرو ابنته الزباء واسمها نائلة، وقال في ذلك القعقاع بن الدرماء الكلبي:

أتعرف منزلا بين المنقي ... وبين مجر نائلة القديم

وكان جنود الزباء بقايا من العماليق والعاربة الأولى، وتزيد وسليح ابني حلوان ابن عمران بن الحاف بن قضاعة، ومن كان معهم من قبائل قضاعه، وكانت للزباء أخت يقال لها زبيبة، فبنت لها قصرا حصينا على شاطئ الفرات الغربي، وكانت تشتو عند أختها، وتربع ببطن النجار، وتصير إلى تدمر فلما أن استجمع لها أمرها، واستحكم لها ملكها، اجمعت لغزو جذيمة الأبرش تطلب بثأر أبيها، فقالت لها أختها زبيبة- وكانت ذات رأي ودهاء وأرب:

يا زباء، إنك إن غزوت جذيمة فإنما هو يوم له ما بعده، إن ظفرت أصبت ثارك، وإن قتلت ذهب ملكك، والحرب سجال، وعثراتها لا تستقال، وإن كعبك لم يزل ساميا على من ناواك وساماك، ولم تري بؤسا ولا غيرا، ولا تدرين لمن تكون العاقبة، وعلى من تكون الدائرة! فقالت لها الزباء: قد أديت النصيحه، وأحسنت الروية، وإن الرأي ما رأيت، والقول ما قلت.

فانصرفت عما كانت أجمعت عليه من غزو جذيمة، ورفضت ذلك، وأتت

<<  <  ج: ص:  >  >>