للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها من وجوه الختل والخدع والمكر فكتبت إلى جذيمة تدعوه إلى نفسها وملكها، وأن يصل بلاده ببلادها وكان فيما كتبت به: إنها لم تجد ملك النساء إلا إلي قبيح في السماع، وضعف في السلطان، وقلة ضبط المملكة، وإنها لم تجد لملكها موضعا، ولا لنفسها كفئا غيرك، فأقبل إلى، فاجمع ملكي إلى ملكك، وصل بلادي ببلادك، وتقلد أمري مع أمرك.

فلما انتهي كتاب الزباء إلى جذيمة، وقدم عليه رسلها استخفه ما دعته اليه، ورغب فيما أطمعته فيه، وجمع إليه أهل الحجى والنهى، من ثقات أصحابه، وهو بالبقة من شاطئ الفرات، فعرض عليهم ما دعته اليه الزباء، وعرضته عليه، واستشارهم في أمره، فأجمع رأيهم على أن يسير إليها، ويستولي على ملكها وكان فيهم رجل يقال له قصير بن سعد بن عمر بن جذيمة بن قيس بن ربي بن نمارة بن لخم وكان سعد تزوج أمة لجذيمة، فولدت له قصيرا، وكان أريبا حازما، أثيرا عند جذيمة، ناصحا، فخالفهم فيما أشاروا به عليه، وقال: رأي فاتر، وغدر حاضر، فذهبت مثلا فرادوه الكلام ونازعوه الرأي، فقال: إني لأرى أمرا ليس بالخسا ولا الزكا، فذهبت مثلا وقال لجذيمة: أكتب إليها، فإن كانت صادقة فلتقبل إليك، وإلا لم تمكنها من نفسك، ولم تقع في حبالها، وقد وترتها، وقتلت أباها فلم يوافق جذيمة ما أشار به عليه قصير، فقال قصير:

إني امرؤ لا يميل العجز ترويتى ... إذا أتت دون شيء مرة الوذم

فقال جذيمة: لا ولكنك امرؤ رأيك في الكن لا في الضح، فذهبت مثلا فدعا جذيمة ابن أخته عمرو بن عدي فاستشاره، فشجعه على المسير،

<<  <  ج: ص:  >  >>