وقال: إن نمارة قومي مع الزباء، ولو قدروا لصاروا معك، فأطاعه وعصي قصيرا، فقال قصير: لا يطاع لقصير أمر، وفي ذلك يقول نهشل بن حرى ابن ضمرة بن جابر التميمي:
ومولى عصاني واستبد برأيه ... كما لم يطع بالبقتين قصير
فلما راى ما غب أمري وأمره ... وولت بأعجاز الأمور صدور
تمنى نئيشا أن يكون أطاعني ... وقد حدثت بعد الأمور أمور
وقالت العرب: ببقة أبرم الأمر، فذهبت مثلا، واستخلف جذيمة عمرو بن عدي على ملكه وسلطانه، وجعل عمرو بن عبد الجن الجرمي معه على خيوله، وسار في وجوه أصحابه، فأخذ على الفرات من الجانب الغربي.
فلما نزل الفرضة دعا قصيرا، فقال: ما الرأي؟ قَالَ: ببقة تركت الرأي، فذهبت مثلا، واستقبلته رسل الزباء بالهدايا والألطاف، فقال: يا قصير، كيف ترى؟ قَالَ: خطر يسير في خطب كبير، فذهبت مثلا، وستلقاك الخيول، فإن سارت أمامك فإن المرأة صادقة، وإن أخذت جنبيك وأحاطت بك من خلفك، فإن القوم غادرون، فاركب العصا- وكانت فرسا لجذيمة لا تجارى- فإني راكبها ومسايرك عليها فلقيته الخيول والكتائب، فحالت بينه وبين العصا، فركبها قصير، ونظر إليه جذيمة موليا على متنها، فقال: ويل أمه حزما على ظهر العصا!، فذهبت مثلا، فقال: يا ضل ما تجري به العصا! وجرت به إلى غروب الشمس ثم نفقت، وقد قطعت أرضا بعيدة، فبنى عليها برجا يقال له برج العصا وقالت العرب:
خير ما جاءت به العصا، مثل تضربه وسار جذيمة، وقد أحاطت به الخيول، حتى دخل على الزباء، فلما