ثلاثون الف دينار، فقال له من حضر: ويلك! الست من الآدميين تقتل هذا القتل، ويفضى حالك الى التلف، وأنت لا تعترف! فقال: يا سبحان الله! أكون ابن ايزونا والطبيب الفصاد على الطريق بدانق ونصف دانق، يأخذني الوزير ابو محمد، ويصطنعنى ويجعلني كاتب سره، واعرف بخدمته! واطلع الناس على ذخيره ذخرها لولده، والله ما كنت لأفعل هذا ولو هلكت، فاستحسن فعله، وكان ذلك سببا لإطلاقه، وتقدم بذلك عند ابى الفضل وابى الفرج وابن بقية، وتوفى سنه تسع وستين وثلاثمائة في ايام عضد الدولة.
ومولد المهلبى بالبصرة سنه احدى وتسعين ومائتين، وكان ظريفا أديبا، ومن شعره:
وصل الكتاب طليعه الوصل ... وذخيره الافضال والفضل
فشكرته شكر الفقير إذا ... اغناه رب المجد بالبذل
وحفظته حفظ الأسير وقد ... ورد الامان له من القتل
وله:
وحياه الهوى ومر التجنى ... وبخط العذار في صحن خده
لاذيبن وجنتيه بلحظي ... مثل ما قد أذاب قلبي بصده
قال التنوخي: وشاهدت المهلبى، وقد اشترى له ورد بألف دينار في ثلاثة ايام، فشرب عليه، وانهبه.
قال ابو حيان: كان المهلبى يطرب على اصطناع الرجال، كما يطرب سامع الغناء على الستائر ويرتاح لذلك كما يرتاح مدير الكاس على العشائر، وقال:
لأكونن في دوله الديلم أول مذكور، إذ فاتنى ان أكون في دوله بنى العباس رحمه الله عليهم آخر مذكور.
فممن نوه به ابو الفضل الشيرازى وابو عبد الله البقرى وابو معروف القاضى وابو إسحاق الصابى وابو العلاء صاعد وابن جعفر صاحب الديوان، وغيرهم كابى تمام الزينبى، وابن مريعه، وابى حامد المروروذي، وابى عبد الله البصرى، وابى سعيد السيرافي وابن درستويه، والسرى، والخالدي، الى من لا يحصى كثره.
وكان ابو الفرج الاصبهانى، يؤاكله، وكان اقذر الناس، فافرد له المهلبى مائدة يجلس عليها وحده، فقال يهجوه: