الى الشعر السخيف، الذى هتك ستر تجملى، وفكرت في انك ممن لا يسامى قدره، ولا يرد امره ونهيه، واتهمتك بانك جبلي الأخلاق، فظ العشرة، ولم آمن من الا انفق عليك، او لا تنفق أنت على، فتذهب قطعه من عمرى، وقد تنغص عيشي، فقال له ابن العميد: فكيف رأيتني؟ قال: بالضد مما اتهمتك فيه، فاجعلني في حل، فقال له: قد تساوينا، لك على مثل مالي عليك، فاننى كنت اقرا اشعارك فاظنك سخيفا، قليل المروءة، كثير العيوب، حتى شاهدتك فكنت بخلاف ذلك، فان أحللتني احللتك.
واعتد ابن العميد على بختيار بما صنعه معه من ابعاده عضد الدولة، فعرض عليه وزارته، فقال: لا يمكنني، فاننى واهلى في خدمه ركن الدولة، منذ خمسين سنه وهو هالك، فإذا مضى جئتك بقطعه من عسكره وكان ذلك يبلغ عضد الدولة، فحنق عليه.
وورد ابن بقية بغداد في ذي القعده، وملا عين ابن العميد بالهدايا، وقال في بعض الأيام: لا بد ان اخلع عليه، فلما اكل وقعدا على الشرب، أخذ ابن بقية بيده فرجيه ورداء في غاية الحسن والجلاله، ووافى بهما الى ابن العميد، وقال: صرت يا استاذ جامدارك، فانظر هل ترضيني لخدمتك، فطرح الفرجيه عليه، فاخذ الرداء منه ولبسه.
وقصد الفتكين في ثلاثمائة غلام دمشق، وكان العيارون قد استولوا عليها، فخرج اليه اشرافها وشيوخها، وسلموها اليه، فاحسن السيرة، وقمع اهل الفساد، وقامت هيبته، وعظمت منزلته، وقصد العرب وابعدهم، وظهرت شجاعته، وكان اعور.
وكان ابن الشمشقيق، قد جاء في الروم، فاخذ بلاد الثغور، وصالح اهل دمشق على مال كثير، فخرج اليه الفتكين، ولعب بين يديه بالرمح، فأعجبته فروسيته، ووهب ما قرره على اهل دمشق له، فسأله ان يهدى له سلاحه، فقاد مع فرسه وسلاحه عشرين فرسا بتجافيفها، فردها ابن الشمشقيق، ولم يقبل غير فرس الفتكين وسلاحه وحده