ابن النعمان، واستحضنه بهرام، وشرفه وأكرمه، وملكه على العرب، وحباه بمرتبتين سنيتين، تدعى إحداهما: رام ابزوذ يزدجرد، وتأويله زاد سرور يزدجرد، والأخرى تدعى بمهشت، وتأويلها أعظم الخول، وأمر له بصلة وكسوة بقدر استحقاقه لذلك في منزلته، وأمره أن يسير ببهرام إلى بلاد العرب.
فسار به المنذر إلى محلته منها، واختار لرضاعه ثلاث نسوة ذوات أجسام صحيحة، وأذهان ذكية، وآداب رضية، من بنات الأشراف، منهن امرأتان من بنات العرب، وامرأة من بنات العجم، وأمر لهن بما أصلحهن من الكسوة والفرش والمطعم والمشرب وسائر ما احتجن إليه، فتداولن رضاعه ثلاث سنين، وفطم في السنة الرابعة، حتى إذا أتت له خمس سنين، قَالَ للمنذر:
أحضرني مؤدبين ذوي علم، مدربين بالتعليم، ليعلموني الكتابة والرمي والفقه.
فقال له المنذر: إنك بعد صغير السن، ولم يأن لك أن تأخذ في التعليم، فالزم ما يلزم الصبيان الأحداث، حتى تبلغ من السن ما يطيق التعلم والتأدب، واحضر من يعلمك كل ما سألت تعلمه فقال بهرام للمنذر: أنا لعمري صغير، ولكن عقلي عقل محتنك، وأنت كبير السن وعقلك عقل ضرع.
أما تعلم أيها الرجل، أن كل ما يتقدم في طلبه ينال في وقته، وما يطلب في وقته ينال في غير وقته، وما يفرط في طلبه يفوت فلا ينال! وانى من ولد ملوك، والملك صائر إلي بإذن الله، وأولى ما كلف به الملوك وطلبوه صالح العلم، لأنه لهم زين، ولملكهم ركن به يقوون فعجل علي بمن سألتك من المؤدبين.
فوجه المنذر ساعة سمع مقالة بهرام هذه إلى باب الملك من أتاه برهط من فقهاء الفرس، ومعلمي الرمى والفروسية ومعلمي الكتابه وخاصه ذوى الأدب، وجمع له حكماء من حكماء فارس والروم، ومحدثين من العرب، فألزمهم بهرام، ووقت لأصحاب كل مذهب من تلك المهن وقتا يأتونه فيه، وقدر