للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهز عشرة آلاف رجل من فرسان العرب، ووجههم مع ابنه إلى طيسبون وبهأردشير مدينتي الملك، وأمره أن يعسكر قريبا منهما، ويدمن إرسال طلائعه إليهما، فإن تحرك أحد لقتاله قاتله وأغار على ما والاهما، وأسر وسبى، ونهاه عن سفك الدماء فسار النعمان حتى نزل قريبا من المدينتين، ووجه طلائعه إليهما، واستعظم قتال الفرس وإن من بالباب من العظماء وأهل البيوتات أوفدوا جواني صاحب رسائل يزدجرد إلى المنذر، وكتبوا إليه يعلمونه أمر النعمان، فلما ورد جواني على المنذر وقرأ الكتاب الذي كتب إليه، قَالَ له: الق الملك بهرام، ووجه معه من يوصله إليه فدخل جواني على بهرام فراعه ما رأى من وسامته وبهائه، وأغفل السجود دهشا، فعرف بهرام أنه إنما ترك السجود لما راعه من روائه، فكلمه بهرام، ووعده من نفسه أحسن الوعد، ورده إلى المنذر، وأرسل إليه أن يجيب في الذي كتب، فقال المنذر لجواني:

قد تدبرت الكتاب الذي أتيتني به، وإنما وجه النعمان إلى ناحيتكم الملك بهرام حيث ملكه الله بعد أبيه، وخوله إياكم.

فلما سمع جواني مقالة المنذر، وتذكر ما عاين من رواء بهرام وهيبته عند نفسه، وإن جميع من شاور في صرف الملك عن بهرام مخصوم محجوج، قَالَ للمنذر: إني لست محيرا جوابا، ولكن سر إن رأيت إلى محلة الملوك فيجتمع إليك من بها من العظماء وأهل البيوتات، وتشاوروا في ذلك.

وأت فيه ما يجمل، فإنهم لن يخالفوك في شيء مما تشير به.

فرد المنذر جواني إلى من أرسله إليه، واستعد وسار بعد فصول جواني من عنده بيوم ببهرام في ثلاثين ألف رجل من فرسان العرب وذوي البأس والنجدة منهم إلى مدينتي الملك، حتى إذا وردهما، أمر فجمع الناس، وجلس بهرام على منبر من ذهب مكلل بجوهر، وجلس المنذر عن يمينه،

<<  <  ج: ص:  >  >>