وتكلم عظماء الفرس وأهل البيوتات، وفرشوا للمنذر بكلامهم فظاظة يزدجرد أبي بهرام كانت، وسوء سيرته، وإنه أخرب بسوء رأيه الأرض، وأكثر القتل ظلما، حتى قد قتل الناس في البلاد التي كان يملكها، وأمورا غير ذلك فظيعة وذكروا أنهم إنما تعاقدوا وتواثقوا على صرف الملك عن ولد يزدجرد لذلك، وسألوا المنذر الا يجبرهم في أمر الملك على ما يكرهونه.
فوعى المنذر ما بثوا من ذلك، وقال لبهرام: أنت أولى بإجابة القوم مني فقال بهرام: إني لست أكذبكم معشر المتكلمين في شيء مما نسبتم إليه يزدجرد لما استقر عندي من ذلك، ولقد كنت زاريا عليه لسوء هديه، ومتنكبا لطريقه ودينه، ولم أزل أسأل الله أن يمن علي بالملك، فأصلح كل ما أفسد، وأرأب ما صدع، فإن أتت لملكي سنة ولم أف لكم بهذه الأمور التي عددت لكم تبرأت من الملك طائعا، وقد أشهدت بذلك علي الله وملائكته وموبذان موبذ وليكن هو فيها حكما بيني وبينكم وأنا مع الذي بينت على ما أعلمكم من رضاي بتمليككم من تناول التاج والزينة، من بين أسدين ضاريين مشبلين، فهو الملك.
فلما سمع القوم مقالة بهرام هذه، وما وعد من نفسه، استبشروا بذلك، وانبسطت آمالهم، وقالوا فيما بينهم: إنا لسنا نقدر على رد قول بهرام، مع أنا إن تممنا على صرف الملك عنه نتخوف أن يكون في ذلك هلاكنا لكثرة من استمد واستجاش من العرب، ولكنا نمتحنه بما عرض علينا مما لم يدعه إليه إلا ثقة بقوته وبطشه وجرأته، فإن يكن على ما وصف به نفسه، فليس لنا رأي إلا تسليم الملك إليه، والسمع والطاعة له، وإن يهلك ضعفا ومعجزة، فنحن من هلكته برآء، ولشره وغائلته آمنون.
وتفرقوا على هذا الرأي، فعاد بهرام بعد أن تكلم بهذا الكلام، وجلس كمجلسه الذي كان فيه بالأمس، وحضره من كان يحاده فقال لهم: إما