للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله أحسن بلاء، وذكر لهم ما وضع عنهم من الخراج، وكان كتابه في ذلك كتابا بليغا.

وقد كان بهرام حين أفضى إليه الملك أمر أن يرفع عن أهل الخراج البقايا التي بقيت عليهم من الخراج، فأعلم أن ذلك سبعون ألف ألف درهم، فأمر بتركها وبترك ثلث خراج السنة التي ولي فيها.

وقيل إن بهرام جور لما انصرف إلى طيسبون من مغزاه خاقان التركي، ولى نرسي أخاه خراسان، وأنزله بلخ، واستوزر مهر نرسى بن برازه، وخصه وجعله بزرجفرمذار، وأعلمه أنه ماض إلى بلاد الهند، ليعرف أخبارها، والتلطف لحيازة بعض مملكة أهلها إلى مملكته، ليخفف بذلك بعض مئونة عن أهل مملكته، وتقدم إليه بما أراد التقدم إليه فيما خلفه عليه إلى أوان انصرافه، وإنه شخص من مملكته حتى دخل أرض الهند متنكرا، فمكث بها حينا لا يسأله أحد من أهلها عن شيء من أمره غير ما يرون من فروسيته وقتله السباع، وجماله وكمال خلقه ما يعجبون منه فلم يزل كذلك حتى بلغه أن في ناحية من أرضهم فيلا قد قطع السبل، وقتل ناسا كثيرا، فسال بعضهم أن يدله عليه ليقتله، وانتهى أمره إلى الملك فدعا به، وأرسل معه رسولا ينصرف إليه بخبره فلما انتهى بهرام والرسول إلى الأجمة التي فيها الفيل، رقى الرسول إلى شجرة لينظر إلى صنع بهرام ومضى بهرام ليستخرج الفيل، فصاح به، فخرج إليه مزبدا وله صوت شديد، ومنظر هائل، فلما قرب من بهرام رماه رمية وقعت بين عينيه حتى كادت تغيب، ووقذه بالنشاب، حتى بلغ منه، ووثب عليه فأخذه بمشفره، فاجتذبه جذبة جثا لها الفيل على ركبتيه، فلم يزل يطعنه حتى أمكن من نفسه، فاحتز رأسه وحمله على ظهره حتى أخرجه إلى الطريق، ورسول الملك ينظر إليه فلما انصرف الرسول اقتص خبره على الملك، فعجب من شدته وجرأته، وحباه حباء عظيما، واستفهمه أمره فقال له بهرام: أنا رجل من عظماء الفرس، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>