للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك فارس سخط علي في شيء فهربت منه إلى جوارك، وكان لذلك الملك عدو قد نازعه ملكه، وسار إليه بجنود عظيمة، فاشتد وجل الملك صاحب بهرام منه لما كان يعرف من قوته، وأراده على الخضوع له وحمل الخراج إليه، وهم صاحب بهرام بإجابته إلى ذلك، فنهاه بهرام عن ذلك، وضمن له كفاية أمره، فسكن إلى قوله، وخرج بهرام مستعدا له، فلما التقوا قَالَ لاساوره الهند: احرسوا ظهري ثم حمل عليهم فجعل يضرب الرجل على رأسه فتنتهي ضربته إلى فمه، ويضرب وسط الرجل فيقطعه باثنين، وياتى الفيل فيقد مشفره بالسيف، ويحتمل الفارس عن سرجه- والهند قوم لا يحسنون الرمي، وأكثرهم رجالة لا دواب لهم- وكان بهرام إذا رمى أحدهم أنفذ السهم فيه، فلما عاينوا منه ما عاينوا، ولوا منهزمين لا يلوون على شيء، وغنم صاحب بهرام ما كان في عسكر عدوه، وانصرف محبورا مسرورا، ومعه بهرام، فكان في مكافاته إياه إن أنكحه ابنته، ونحله الديبل ومكران وما يليها من أرض السند، وكتب له بذلك كتابا، وأشهد له على نفسه شهودا، وأمر بتلك البلاد حتى ضمت إلى أرض العجم، وحمل خراجها إلى بهرام، وانصرف بهرام مسرورا.

ثم انه اغزى مهر نرسى بن برازة بلاد الروم في أربعين ألف مقاتل، وأمره أن يقصد عظيمها، ويناظره في أمر الإتاوة وغيرها، مما لم يكن يقوم بمثله إلا مثل مهر نرسي، فتوجه في تلك العدة، ودخل القسطنطينية، وقام مقاما مشهورا، وهادنه عظيم الروم، وانصرف بكل الذي أراد بهرام، ولم يزل لمهر نرسي مكرما، وربما خفف اسمه فقيل نرسي وربما قيل مهر نرسه، وهو مهر نرسى بن برازه بن فرخزاذ بن خورهباذ بن سيسفاذ ابن سيسنابروه بن كي أشك بن دارا بن دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب.

وكان مهر نرسي معظما عند جميع ملوك فارس بحسن أدبه، وجودة آرائه، وسكون العامة إليه، وكان له أولاد مع ذلك قد قاربوه في القدر، وعملوا للملوك من الأعمال ما كادوا يلحقون بمرتبته، وإن منهم ثلاثة قد كانوا برزوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>