للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعناقهما تعرق جباههما، لم تضرهما، فأصفقت حمير عند ذلك على دينه، فمن هناك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أصحابه أن الحبرين ومن خرج معهما من حمير، إنما اتبعوا النار ليردوها، وقالوا: من ردها فهو أولى بالحق، فدنا منها رجال من حمير بأوثانهم ليردوها، فدنت منهم لتأكلهم، فحادوا عنها فلم يستطيعوا ردها، ودنا منها الحبران بعد ذلك، وجعلا يتلوان التوراة وتنكص، حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما، وكان رئام بيتا لهم يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون منه إذ كانوا على شركهم، فقال الحبران لتبع: إنما هو شيطان يفتنهم ويلعب بهم، فخل بيننا وبينه، قَالَ: فشأنكما به، فاستخرجا منه- فيما يزعم أهل اليمن- كلبا أسود، فذبحاه وهدما ذلك البيت، فبقاياه اليوم باليمن- كما ذكر لي- وهو رئام به آثار الدماء التي كانت تهراق عليه.

فقال تبع في مسيره ذلك وما كان هم به من أمر المدينة وشأن البيت وما صنع برجال هذيل الذين قَالُوا له ما قَالُوا، وما صنع بالبيت حين قدم مكة من كسوته تطهيره وما ذكر له الحبران من أمر رسول الله ص:

ما بال نومك مثل نوم الأرمد ... أرقا كأنك لا تزال تسهد

حنقا على سبطين حلا يثربا ... أولى لهم بعقاب يوم مفسد!

ولقد نزلت من المدينة منزلا ... طاب المبيت به وطاب المرقد

وجعلت عرصة منزل برباوة ... بين العقيق إلى بقيع الغرقد

ولقد تركنا لأبها وقرارها ... وسباخها فرشت بقاع أجرد

ولقد هبطنا يثربا وصدورنا ... تغلي بلابلها بقتل محصد

<<  <  ج: ص:  >  >>