للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له: يا سطيح، إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فأخبرني بها فإنك ان أصبتها اصبت تأويلها، قَالَ- أفعل، رأيت جمجمة- قَالَ أبو جعفر:

وقد وجدته في مواضع أخر، رأيت حممه- خرجت من ظلمه، فوقعت بأرض ثهمه، فأكلت منها كل ذات جمجمه فقال له الملك: ما أخطأت منها شيئا يا سطيح، فما عندك في تأويلها؟ فقال: احلف بما بين الحرتين من حنش، ليهبطن أرضكم الحبش، فليملكن ما بين أبين إلى جرش.

قَالَ له الملك: وأبيك يا سطيح، إن هذا لغائظ موجع، فمتى هو كائن يا سطيح؟

أفي زماني أم بعده؟ قَالَ: لا بل بعده بحين، أكثر من ستين أو سبعين، يمضين من السنين قَالَ: فهل يدوم ذلك من ملكهم أو ينقطع؟ قَالَ: بل ينقطع لبضع وسبعين، يمضين من السنين، ثم يقتلون بها أجمعون، ويخرجون منها هاربين قَالَ الملك: ومن ذا الذي يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قَالَ: يليه إرم ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك منهم أحدا باليمن قَالَ أفيدوم ذلك من سلطانه أو ينقطع؟ قَالَ: بل ينقطع قَالَ: ومن يقطعه؟

قَالَ: نبي زكي، يأتيه الوحي من العلي قَالَ: وممن هذا النبي؟ قَالَ: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر، قَالَ: وهل للدهر يا سطيح من آخر؟ قَالَ: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، ويسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون قَالَ: أحق ما تخبرنا يا سطيح؟ قَالَ: نعم، والشفق والغسق، والفلق إذا اتسق، إن ما أنبأتك به لحق.

فلما فرغ قدم عليه شق، فدعاه، فقال له: يا شق، إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فأخبرني عنها، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها- كما قَالَ لسطيح، وقد كتمه ما قَالَ سطيح لينظر أيتفقان أم يختلفان- قَالَ:

نعم، رأيت جمجمه، خرجت من ظلمة، فوقعت بين روضة وأكمه، فأكلت منها كل ذات نسمه فلما رأى ذلك الملك من قولهما شيئا واحدا، قَالَ له: ما أخطأت يا شق منها شيئا، فما عندك في تأويلها؟ قَالَ: احلف بما بين الحرتين من انسان، لينزلن أرضكم السودان، فليغلبن على كل طفله

<<  <  ج: ص:  >  >>