للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنان، وليملكن ما بين أبين إلى نجران فقال له الملك: وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟ أفي زماني أم بعده؟ قَالَ: بل بعدك بزمان، ثم يستنقذكم منه عظيم ذو شأن، ويذيقهم أشد الهوان قَالَ: ومن هذا العظيم الشأن؟ قَالَ: غلام ليس بدني ولا مدن، يخرج من بيت ذي يزن، قَالَ: فهل يدوم سلطانه أو ينقطع؟ قَالَ: بل ينقطع برسول مرسل، يأتي بالحق والعدل، بين أهل الدين والفضل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل، قَالَ: وما يوم الفصل؟ قَالَ: يوم يجزى فيه الولاة، يدعى من السماء بدعوات، يسمع منها الأحياء والأموات، ويجمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات قَالَ: أحق ما تقول يا شق؟ قَالَ: إي ورب السماء والأرض، وما بينهما من رفع وخفض، إن ما نبأتك لحق ما فيه أمض فلما فرغ من مسألتهما، وقع في نفسه أن الذي قالا له كائن من أمر الحبشة، فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم، وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ، فأسكنهم الحيرة، فمن بقية ربيعة بن نصر كان النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وهو النعمان بن المنذر بن النعمان ابن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر ذلك الملك في نسب أهل اليمن وعلمهم.

حَدَّثَنَا ابن حميد، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ولما قَالَ سطيح وشق لربيعة بن نصر ذلك، وصنع ربيعة بولده وأهل بيته ما صنع، ذهب ذكر ذلك في العرب، وتحدثوا حتى فشا ذكره وعلمه فيهم، فلما نزلت الحبشة اليمن، ووقع الأمر الذي كانوا يتحدثون به من أمر الكاهنين، قَالَ الأعشى، أعشى بني قيس بن ثعلبة البكري، في بعض ما يقول، وهو يذكر ما وقع من أمر ذينك الكاهنين: سطيح وشق:

ما نظرت ذات أشفار كنظرتها ... حقا كما نطق الذئبي إذ سجعا

<<  <  ج: ص:  >  >>