تقتل أبناها وتنفي سراتها ... وتبني بأيديهم لها الذل حمير
تدمر دنياها بطيش حلومها ... وما ضيعت من دينها فهو أكثر
كذاك القرون قبل ذاك بظلمها ... وإسرافها تأتي الشرور فتخسر
وكان لخنيعة ينوف ذو شناتر يصنع ذلك بهم- وكان امرأ فاسقا يزعمون أنه كان يعمل عمل قوم لوط، ثم كان- مع الذي بلغ منهم من القتل والبغي- إذا سمع بالغلام من أبناء الملوك قد بلغ أرسل إليه فوقع عليه في مشربة له قد صنعها لذلك، لئلا يملك بعد ذلك أبدا، ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده، وهم أسفل منه، قد أخذ سواكا، فجعله في فيه- أي ليعلمهم أنه قد فرغ منه ثم يخلي سبيله، فيخرج على حرسه وعلى الناس وقد فضحه، حتى إذا كان آخر أبناء تلك الملوك زرعة ذو نواس بن تبان أسعد أبي كرب بن ملكيكرب بن زيد بن عمرو ذي الاذعار أخو حسان- وزرعة كان صبيا صغيرا حين أصيب أخوه، فشب غلاما جميلا وسيما ذا هيئة وعقل- فبعث اليه لخنيعه ينوف ذو شناتر، ليفعل به كما كان يفعل بأبناء الملوك قبله، فلما أتاه رسوله عرف الذي يريد به، فأخذ سكينا حديدا لطيفا، فجعله بين نعله وقدمه، ثم انطلق إليه مع رسوله، فلما خلا به في مشربته تلك أغلقها عليه وعليه، ثم وثب عليه وواثبه ذو نواس بالسكين فطعنه به حتى قتله، ثم احتز رأسه، فجعله في كوة مشربته تلك التي يطلع منها إلى حرسه وجنده، ثم أخذ سواكه ذلك، فجعله في فيه ثم خرج على الناس، فقالوا له: ذو نواس، أرطب أم يباس؟ فقال: سل نخماس استرطبان ذو نواس، استرطبان ذو نواس، لا باس فذهبوا ينظرون حين قَالَ لهم ما قَالَ، فإذا رأس لخنيعة ينوف ذي شناتر في الكوة مقطوع في فيه سواكه، قد وضعه ذو نواس فيها فخرجت حمير والأحراس في أثر ذي نواس حتى أدركوه،