للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يدر ما أصابها، فخافها عليه فعيل عوله، فصرخ: يا فيميون، التنين قد أقبل نحوك! فلم يلتفت إليه، وأقبل على صلاته حتى فرغ وأمسى، وانصرف وعرف أنه قد عرف، وعرف صالح أنه قد رأى مكانه، فكلمه، فقال: يا فيميون، يعلم الله ما أحببت شيئا حبك قط، وقد أردت صحبتك والكينونة معك حيثما كنت قَالَ: ما شئت، أمري كما ترى، فإن ظننت أنك تقوى عليه فنعم فلزمه صالح، وقد كاد أهل القرية أن يفطنوا لشأنه، وكان إذا فاجأه العبد به ضر دعا له فشفي، وإذا دعى إلى أحد به الضر لم يأته.

وكان لرجل من أهل القرية ابن ضرير، فسأل عن شأن فيميون، فقيل له:

إنه لا يأتي أحدا إذا دعاه، ولكنه رجل يعمل للناس البنيان بالأجر، فعمد الرجل إلى ابنه ذلك فوضعه في حجرته، وألقى عليه ثوبا، ثم جاءه فقال له:

يا فيميون، إني قد أردت أن أعمل في بيتي عملا، فانطلق معي حتى تنظر إليه فأشارطك عليه، فانطلق معه حتى دخل حجرته، ثم قَالَ: ما تريد أن تعمل في بيتك؟ قَالَ: كذا وكذا ثم انتشط الرجل الثوب عن الصبي، ثم قَالَ: يا فيميون، عبد من عباد الله أصابه ما ترى، فادع الله له، فقال فيميون حين رأى الصبي: اللهم عبد من عبادك دخل عليه عدوك في نعمتك ليفسدها عليه فاشفه وعافه، وامنعه منه، فقام الصبي ليس به بأس.

وعرف فيميون أنه قد عرف، فخرج من القرية، واتبعه صالح، فبينما هو يمشي في بعض الشام مر بشجرة عظيمة، فناداه منها رجل، فقال:

أفيميون! قَالَ: نعم، قَالَ: ما زلت أنتظرك وأقول: متى هو جاء، حتى سمعت صوتك، فعرفت أنك هو، لا تبرح حتى نقوم علي، فإني ميت الآن قَالَ: فمات، وقام عليه حتى واراه ثم انصرف ومعه صالح، حتى وطئا بعض أرض العرب، فعدى عليهما فاختطفتهما سيارة من بعض العرب، فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران- وأهل نجران يومئذ على دين العرب، تعبد نخلة طويلة بين أظهرهم، لهم عيد كل سنة، إذا كان ذلك العيد علقوا عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>