للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما القائد الآخر- وكان يقال له شاهين، وكان فاذوسبان المغرب- فإنه سار حتى احتوى على مصر والإسكندرية وبلاد نوبة، وبعث إلى كسرى بمفاتيح مدينة إسكندرية في سنة ثمان وعشرين من ملكه وأما القائد الثالث فكان يقال له فرهان، وتدعى مرتبته شهربراز وإنه قصد القسطنطينية حتى أناخ على ضفة الخليج القريب منها، وخيم هنالك، فأمره كسرى فخرب بلاد الروم غضبا مما انتهكوا من موريق، وانتقاما له منهم، ولم يخضع لابن موريق من الروم أحد ولم يمنحه الطاعة، غير أنهم قتلوا قوفا الملك الذي كانوا ملكوه عليهم لما ظهر لهم من فجوره وجرأته على الله وسوء تدبيره، وملكوا عليهم رجلا يقال له هرقل.

فلما رأى هرقل عظيم ما فيه بلاد الروم من تخريب جنود فارس إياها وقتلها مقاتلتهم وسبيهم ذراريهم واستباحتهم أموالهم وانتهاكهم ما بحضرتهم، بكى إلى الله وتضرع إليه وسأله أن ينقذه وأهل مملكته من جنود فارس، فرأى في منامه رجلا ضخم الجثة رفيع المجلس، عليه بزة، قائما في ناحية عنه، فدخل عليهما داخل، فألقى ذلك الرجل عن مجلسه، وقال لهرقل: إني قد أسلمته في يدك فلم يقصص رؤياه تلك في يقظته على أحد، ورأى الليلة الثانية في منامه أن الرجل الذي رآه في حلمه جالس في مجلس رفيع، وأن الرجل الداخل عليهما أتاه وبيده سلسلة طويلة، فألقاها في عنق صاحب المجلس وأمكنه منه، وقال له: هأنذا قد دفعت إليك كسرى برمته، فاغزه فإن الظفر لك، وإنك مدال عليه ونائل أمنيتك في غزاتك فلما تتابعت عليه هذه الأحلام، قصها على عظماء الروم وذوي الرأي منهم.

فأخبروه أنه مدال عليه، وأشاروا عليه أن يغزوه، فاستعد هرقل واستخلف ابنا له على مدينة قسطنطينية، وأخذ غير الطريق الذى فيه شهربراز، وسار حتى اوغل في بلاد أرمينية، ونزل نصيبين بعد سنة، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>