شاهين- فاذوسبان المغرب- بباب كسرى حين ورد هرقل نصيبين لموجدة كانت من كسرى عليه، وعزله إياه عن ذلك الثغر، وكان شهربراز مرابطا للموضع الذي كان فيه لتقدم كسرى كان إليه في الجثوم فيه، وترك البراح منه، فبلغ كسرى خبر تساقط هرقل في جنوده إلى نصيبين، فوجه لمحاربة هرقل رجلا من قواده يقال له: راهزار، في اثني عشر ألف مقاتل، وأمره أن يقيم بنينوى من مدينة الموصل على شاطئ دجلة، ويمنع الروم أن يجوزوها- وكان كسرى حين بلغه خبر هرقل مقيما بدسكرة الملك- فنفذ راهزار لأمر كسرى، وعسكر حيث أمره، فقطع هرقل دجلة في موضع آخر إلى الناحية التي كان فيها جند فارس، فأذكى راهزار العيون عليه، فانصرفوا إليه وأخبروه أنه في سبعين ألف مقاتل، وأيقن راهزار أنه ومن معه من الجنود عاجزون عن مناهضة سبعين ألف مقاتل، فكتب إلى كسرى غير مرة دهم هرقل إياه بمن لا طاقة له ولمن معه بهم، لكثرتهم وحسن عدتهم، كل ذلك يجيبه كسرى في كتابه، أنه إن عجز عن أولئك الروم فلن يعجز عن استقتالهم وبذل دمائهم في طاعته فلما تتابعت على راهزار جوابات كتبه إلى كسرى بذلك، عبى جنده وناهض الروم، فقتلت الروم راهزار وستة آلاف رجل، وانهزم بقيتهم وهربوا على وجوههم، وبلغ كسرى قتل الروم راهزار وما نال هرقل من الظفر، فهده ذلك وانحاز من دسكرة الملك إلى المدائن، وتحصن فيها لعجزه كان عن محاربة هرقل.
وسار هرقل حتى كان قريبا من المدائن، فلما تساقط إلى كسرى خبره واستعد لقتاله، انصرف إلى أرض الروم وكتب كسرى إلى قواد الجند الذين انهزموا يأمرهم أن يدلوه على كل رجل منهم ومن أصحابهم، ممن فشل في تلك الحرب ولم يرابط مركزه فيها، فيأمر أن يعاقب بقدر ما استوجب، فاحرجهم بهذا الكتاب إلى الخلاف عليه، وطلب الحيل لنجاة أنفسهم منه، وكتب إلى شهربراز يأمره بالقدوم عليه ويستعجله في ذلك، ويصف ما كان من أمر الروم في عمله