للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحفظ ذلك اليوم، فإذا هو يوم الوقعة فلما دنت جيوش الفرس بمن معهم انسل قيس بن مسعود ليلا فأتى هانئا، فقال له: أعط قومك سلاح النعمان فيقووا، فإن هلكوا كان تبعا لأنفسهم، وكنت قد أخذت بالحزم، وان ظفروا ردوه عليك ففعل وقسم الدروع والسلاح في ذوي القوى والجلد من قومه فلما دنا الجمع من بكر، قال لهم هانئ: يا معشر بكر، إنه لا طاقة لكم بجنود كسرى ومن معهم من العرب، فاركبوا الفلاة فتسارع الناس إلى ذلك، فوثب حنظلة بن ثعلبة بن سيار فقال له: إنما أردت نجاتنا فلم تزد على أن ألقيتنا في الهلكة، فرد الناس وقطع وضن الهوادج لئلا تستطيع بكر أن تسوق نساءهم إن هربوا- فسمي مقطع الوضن، وهي حزم الرحال ويقال: مقطع البطن، والبطن حزم الأقتاب- وضرب حنظلة على نفسه قبة ببطحاء ذي قار، وآلى ألا يفر حتى تفر القبة فمضى من مضى من الناس، ورجع أكثرهم، واستقوا ماء لنصف شهر، فأتتهم العجم، فقاتلتهم بالحنو، فجزعت العجم من العطش، فهربت ولم تقم لمحاصرتهم، فهربت إلى الجبابات، فتبعتهم بكر، وعجل أوائل بكر، فتقدمت عجل، وأبلت يومئذ بلاء حسنا، واضطمت عليهم جنود العجم، فقال الناس: هلكت عجل، ثم حملت بكر فوجدوا عجلا ثابتة تقاتل، وامرأة منهم تقول:

إن يظفروا يحرزوا فينا الغرل ... إيها فداء لكم بني عجل!

وتقول أيضا تحضض الناس:

إن تهزموا نعانق ... ونفرش النمارق

أو تهربوا نفارق ... فراق غير وامق

فقاتلوهم بالجبابات يوما ثم عطش الأعاجم فمالوا إلى بطحاء ذي قار، فأرسلت إياد إلى بكر سرا- وكانوا أعوانا على بكر مع إياس بن قبيصة: أي الأمرين أعجب إليكم؟ أن نطير تحت ليلتنا فنذهب، أو نقيم ونفر حين تلاقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>