للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، فَجَاءَنِي وَأَنَا نَائِمٌ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ، فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَ:

اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَقْرَأُ؟ فَغَتَّنِي، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ:

اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَاذَا أَقْرَأُ؟ وَمَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلا افْتِدَاءً مِنْهُ أَنْ يَعُودَ إِلَيَّ بِمِثْلِ مَا صَنَعَ بِي، قَالَ: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» إِلَى قَوْلِهِ: «عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» ، قَالَ: فَقَرَأْتُهُ، قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي وَهَبَبْتُ مِنْ نَوْمِي، وَكَأَنَّمَا كُتِبَ فِي قَلْبِي كِتَابًا] .

[قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ شَاعِرٍ أَوْ مَجْنُونٍ، كُنْتُ لا أُطِيقُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِمَا، قَالَ: قُلْتُ إِنَّ الأَبْعَدَ- يَعْنِي نَفْسَهُ- لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، لا تُحَدِّثُ بِهَا عَنِّي قُرَيْشٌ أَبَدًا! لأَعْمَدَنَّ إِلَى حَالِقٍ مِنَ الْجَبَلِ فَلأَطْرَحَنَّ نَفْسِي مِنْهُ فَلأَقْتُلَنَّهَا فَلأَسْتَرِيحَنَّ قَالَ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي وَسَطٍ مِنَ الْجَبَلِ، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، قَالَ:

فرفعت راسى الى السماء، فإذا جبرئيل فِي صُورَةِ رَجُلٍ صَافٍّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وانا جبرئيل قَالَ: فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَشَغَلَنِي ذَلِكَ عَمَّا أَرَدْتُ، فَمَا أَتَقَدَّمُ وَمَا أَتَأَخَّرُ، وَجَعَلْتُ أَصْرِفُ وَجْهِي عَنْهُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَلا أَنْظُرُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا إِلا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ، فَمَا زِلْتُ وَاقِفًا مَا أَتَقَدَّمُ أَمَامِي، وَلا أَرْجِعُ وَرَائِي، حَتَّى بَعَثَتْ خَدِيجَةُ رُسُلَهَا فِي طَلَبِي، حَتَّى بَلَغُوا مَكَّةَ وَرَجَعُوا إِلَيْهَا وَأَنَا وَاقِفٌ فِي مَكَانِي ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي وَانْصَرَفْتُ رَاجِعًا إِلَى أَهْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا فَقَالَتْ:

يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَيْنَ كنت؟ فو الله لَقَدْ بَعَثْتُ رُسُلِي فِي طَلَبِكَ، حَتَّى بَلَغُوا مَكَّةَ وَرَجَعُوا إِلَيَّ قَالَ: قُلْتُ لَهَا: إِنَّ الأَبْعَدَ لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، فَقَالَتْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>