أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ! مَا كَانَ اللَّهُ لِيَصْنَعَ ذَلِكَ بِكَ مَعَ مَا أَعْلَمُ مِنْكَ مِنْ صِدْقِ حَدِيثِكَ، وَعِظَمِ أَمَانَتِكَ، وَحُسْنِ خُلُقِكَ، وَصِلَةِ رَحِمِكَ! وَمَا ذَاكَ يا بن عَمٍّ! لَعَلَّكَ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: نَعَمْ ثُمَّ حَدَّثْتُهَا بِالَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ يا بن عم واثبت،] فو الذى نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الأُمَّةِ، ثُمَّ قَامَتْ فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ- وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا، وَكَانَ وَرَقَةُ قَدْ تَنَصَّرَ وَقَرَأَ الْكُتُبَ، وَسَمِعَ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ- فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُولُ الله ص أَنَّهُ رَأَى وَسَمِعَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ! وَالَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ، لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِنِي يَا خَدِيجَةُ، لَقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ- يَعْنِي بالناموس جبرئيل ع الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى- وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَقُولِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إِلَى رسول الله ص، فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ، فَسَهَّلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَعْضَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْهَمِّ، فَلَمَّا قَضَى رسول الله ص جِوَارَهُ، وَانْصَرَفَ صَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، وَبَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، وهو يطوف بالبيت، فقال: يا بن أَخِي، أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ، فَأَخْبَرَهُ رسول الله ص، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى مُوسَى، وَلَتُكَذِّبُنَّهُ وَلَتُؤْذِيَنَّهُ، وَلَتُخْرِجُنَّهُ، وَلَتُقَاتِلُنَّهُ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ لأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ فَقَبَّلَ يَافُوخَهُ، ثم انصرف رسول الله ص، إِلَى مَنْزِلِهِ.
وَقَدْ زَادَهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ وَرَقَةَ ثَبَاتًا، وَخَفَّفَ عَنْهُ بَعْضَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْهَمِّ.
فَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حدثنا سلمة، قال: حدثني مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute