أَحَدًا يُرْسِلُهُ غَيْرَكَ! وَقَالَ الثَّالِثُ: وَاللَّهِ لا أُكَلِّمُكَ كَلِمَةً أَبَدًا، لَئِنْ كُنْتَ رَسُولًا مِنَ اللَّهِ كَمَا تَقُولُ، لأَنْتَ أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ الْكَلَامَ، وَلَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُكَلِّمَكَ! فقام رسول الله ص مِنْ عِنْدِهِمْ، وَقَدْ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ، وقد [قال لهم- فيما ذكر لي-: إذ فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ فَاكْتُمُوا عَلَيَّ] وَكَرِهَ رَسُولُ الله ص أَنْ يُبَلِّغَ قَوْمَهُ عَنْهُ، فَيُذْئِرَهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَفْعَلُوا وَأغروا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ، يَسُبُّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَأَلْجَئُوهُ إِلَى حَائِطٍ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهُمَا فِيهِ، وَرَجَعَ عَنْهُ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِيفٍ مَنْ كَانَ يَتْبَعُهُ، فَعَمَدَ إِلَى ظِلِّ حَبَلَةٍ مِنْ عِنَبٍ، فَجَلَسَ فِيهِ، وَابْنَا رَبِيعَةَ يَنْظُرَانِ إِلَيْهِ، وَيُرِيَانِ مَا لَقِيَ مِنْ سُفَهَاءِ ثقيف وقد لقى رسول الله ص- فِيمَا ذُكِرَ لِي- تِلْكَ الْمَرْأَةَ مِنْ بَنِي جمح، فقال لها: ماذا لقينا من احمائك! فلما اطمان رسول الله ص، قَالَ- فِيمَا ذُكِرَ لِي: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلْنِي! إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَوْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي! وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتِ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطِكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ.
فَلَمَّا رَأَى ابْنَا رَبِيعَةَ: عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ مَا لَقِيَ، تَحَرَّكَتْ لَهُ رَحِمَهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute