للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُلَامًا حَدَثًا: أَيْ قَوْمِ، هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ قَالَ: فَيَأْخُذُ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ، فَضَرَبَ بها وجه اياس ابن مُعَاذٍ، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا قَالَ: فَصَمَتَ إِيَاسٌ، وَقَامَ رَسُولُ الله ص عَنُهْم وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ.

قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ:

فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلِّلُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ، وَيُحَمِّدُهُ وَيُسَبِّحُهُ، حَتَّى مَاتَ، فَمَا كَانُوا يَشُكُّونَ أَنْ قَدْ مَاتَ مُسْلِمًا، لَقَدْ كَانَ اسْتَشْعَرَ الإِسْلَامَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ حِينَ سمع من رسول الله ص مَا سَمِعَ.

قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِظْهَارَ دِينَهُ وَإِعْزَازَ نَبِيَّهُ، وَإِنْجَازَ مَوْعِدَهُ له، خرج رسول الله ص فِي الْمَوْسِمِ الَّذِي لَقِيَ فِيهِ النَّفَرَ مِنَ الأَنْصَارِ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ إِذْ لَقِيَ رَهْطًا مِنَ الْخَزْرَجِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا.

قال ابن حميد: قال سلمة: قال محمد بن إسحاق: فحدثني عاصم ابن عمر بن قتادة، عن أشياخ من قومه، قالوا: لما لقيهم رسول الله ص، [قال لهم: من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج، قال: أمن موالي يهود: قالوا: نعم، قال: أفلا تجلسون حتى أكلمكم؟ قالوا: بلى، قال:

فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن] .

قال: وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام، أن يهود كانوا معهم

<<  <  ج: ص:  >  >>