للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلك المحاسن لا ينال هذا منها شيئاً، فهو حصر بحسب بعض الاعتبارات، وهو كثير في القرآن الكريم)) (١) .

ب - قال: ((فائدة: ما ضابط الإصرار الذي يُصيِّر الصغيرة كبيرة؟ قال بعض العلماء: حدُّ ذلك أن يتكرر منه تكراراً يخلُّ بالثقة بصدقه، كما تخلُّ به ملابسة الكبيرة، فمتى وصل إلى هذه الغاية، صارت الصغيرة كبيرة، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، واختلاف الأحوال، والنظر في ذلك لأهل الاعتبار، والنظر الصحيح من الحكَّام وعلماء الأحكام الناظرين في التجريح والتعديل - ثم قال - فائدة: ما تقدَّم من أن الكبيرة تتبع عظم المفسدة، فما لا تعظم مفسدته لا يكون كبيرة، استثنى صاحب الشرع من ذلك أشياء حقيرة المفسدة، وجعلها مسْقِطةً للعدالة، موجبة للفسوق لقبح ذلك الباب في نفسه، لا لعظم المفسدة، وذلك كشهادة الزور، فإنه فسوق مطلقاً، وإن كان لم يُتلِفْ بها على المشهود عليه إلا فَلْساً واحداً، ومقتضى القاعدة أنها

لا تكون كبيرة إلا إذا عظمت مفسدتها، وكذلك السرقة والغصْب لقبح هذه الأبواب في أنفسها)) (٢) .

(٣) توضيح معاني الأحاديث المشتبهة

يقع في بعض الأحاديث إشكال في التوفيق بينها، وقد وقفت على بعض المواضع المفيدة التي أجاب فيها القرافي عن هذا الاشتباه والإشكال. منها:

أ - قوله: ((فائدة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) (٣) فقد جمع بينهما في الضمير كما جمع الخطيب (٤) ،

فما الفرق وما الجواب؟ الجواب من وجهين، أحدهما: ذكره الشيخ عز الدين بن عبد السلام قدس الله روحه، فقال: إن منصب الخطيب حقير قابل للزلل، فإذا نطق


(١) المصدر السابق ص ٦١.
(٢) انظر: القسم التحقيقي ص ٢٣٣ - ٢٣٥.
(٣) هذا الحديث ملفَّق من حديثين. انظرهما في مبحث المآخذ على الكتاب ص ١٦٠ من القسم الدراسي.
(٤) حديث الخطيب ذكره المصنف قبل ذلك وهو الذي قال في خطبته: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصيهما فقد غوى. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعْصِ الله ورسوله)) رواه مسلم
(
٨٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>