للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بين هؤلاء المتأثرين به الشهاب القرافي، فها هو يقول حامداً صنيعه:

((ورأيت كتاب المحصول للإمام الأوحد فخر الدين أبي عبد الله محمد بن الشيخ الإمام العلامة أبي حفص عمر الرازي قدَّس الله روحه جمع قواعد الأوائل، ومستحسنات الأواخر بأحسن العبارات، وألطف الإشارات، وقد عظم نفع الناس به، وبمختصراته، وحصل لهم بسببه من الأهلية، والاستعداد مالم يحصل لمن اشتغل بغيره، بسبب أنه ألَّفه من أحسن كتب السنة، وأفضل كتب المعتزلة، " البرهان "

و" المستصفى " للسنة، و" المعتمد " و" شرح العمد " للمعتزلة، فهذه الأربعة هي أصله مصاناً بحسن تصرفات الإمام، وجودة ترتيبه وتنقيحه، وفصاحة عبارته، وما زاده فيه من فوائد فكره وتصرفه، وحسن ترتيبه وإيراده وتهذيبه. . .)) (١) ، وشرح القرافي المحصول في كتابه النفيس " نفائس الأصول ". واختصر المحصول في " تنقيح الفصول "، وعلَّق على " المنتخب " فكانت معايشته للمحصول طويلة وعميقة.

لكن هل كان القرافي تابعاً للرازي في كلِّ ما يقرِّره؟ وما مدى التفاوت بين كتاب شرح تنقيح الفصول وكتاب المحصول؟

إن مجرد مقارنةٍ عجلى تنطلق من النظر إلى فهرس مسائل المحصول وشرح التنقيح لتعطي حكماً سريعاً بأن القرافي يكاد لم يتجاوز ما في كتاب المحصول. ولكن هذا الحكم فيه تجنٍّ على القرافي، ومحقٌ لشخصيته، حقاً لقد اقتفى القرافي نهج المحصول في التبويب والتقسيم، والترتيب والتنظيم في غالب الكتاب، كما أنه أكثر من نقولاته

عنه. غير أنه لم يَجْرِ على رَسْم الرازي دون تدخُّلٍ وتصرُّفٍ، بل صحح أخطاءً، وتمَّم نقصاً، وزاد مسائل، ووضَّح غموضاً، وحذف بعض المباحث إما لأنها توجب الإملال والكلال، أو لأنها تمثّل استطراداً لا يتلائم مع المختصر، ولا يتعلق بها كبير فائدة، أو لكونها ضعيفة لا حاجة إليها.


(١) نفائس الأصول ١ / ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>