للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله تعالى حكايةً عن المنادي (١) الذي بعثه يوسف عليه السلام: {وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} (٢) فيستدل به على جواز الضمان (٣) ،

وكذلك قوله تعالى حكايةً عن شُعَيْب (٤) وموسى عليهما السلام: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ} (٥) الآية يستدل بها على جواز الإجارة (٦) ، بناءً على أن شرع من قبلنا شرع لنا أم لا؟.

أما ما لا يثبت إلا بأقوالهم فلا يكون حجة لعدم صحة السند وانقطاعه. ورواية الكفار لو وقعتْ (٧) لم تقبل، فكيف وليس في (٨) أهل الكتاب مَنْ يروي التوراة فضْلاً عن غيرها؟!. وما لا رواية فيه كيف يخطر بالبال أنه حجة؟!


(١) لم تذكر كتب التفسير ولا كتب مبهمات القرآن ـ فيما اطلعت عليه ـ اسم المنادى، وهو المؤذِّن في قوله تعالى: { ... ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: ٧٠] . لكنَّه فتى من فتيان الملكِ عزيز مصر. انظر: فتح القدير للشوكاني ٣/٤٤.
(٢) يوسف، من الآية: ٧٢. والزعيم: الكفيل. انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني مادة " زعم ".
(٣) الضمان لغة: الالتزام. المصباح المنير، مادة " ضمن ". اصطلاحاً: عرّفه ابن عرفة بأنه ((التزام دَيْنٍ لا يُسْقِطُه أو طَلَبِ مَنْ هو عليه لمن هو له)) حدود ابن عرفة بشرحه للرصَّاع ٢ / ٤٢٧. وقد أشار المصنف إلى الاستدلال بالآية على مشروعية الضمان في كتابه: الذخيرة ٩ / ١٨٩.

وهذه الآية {وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] يستدلُّ بها أيضاً على مشروعية الجعالة. ذكر ذلك القرافي في الذخيرة (٦/٥) ويستدل بها أيضاً على صحة ضمان المجهول. انظر: أحكام القرآن لابن العربي ٣/٦٤، المغني لابن قدامة ٧ / ٧٣.
(٤) ذكر ابن كثير أن المفسرين اختلفوا في رَجُل مَدْين على أقوال منها: أنه شعيب النبي عليه السلام وهو القول المشهور عند كثيرين، ومنها: أنه ابن أخي شعيب عليه السلام، وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب عليه السلام، ثم رَدَّ القول بأنه شعيب عليه السلام، وكذلك رَدَّ هذا القول الشيخ عبد الرحمن السعدي بحجج وبراهين قوية. قال ابن جرير الطبري: ((وهذا مما لا يُدرك علمه إلا بخبرٍ، ولا خبر بذلك تجب حجته، فلا قول في ذلك أولى بالصواب مما قاله الله جلَّ ثناؤه ... )) جامع البيان مجلد ١١ / جزء ٢٠/٧٧. وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٦/٢٣٨، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان للسعدي ٤ / ١٦.
(٥) القصص، من الآية: ٢٧.
(٦) الإجارة لغة: الكِراء على العمل. معجم المقاييس في اللغة لابن فارس مادة " أجر ". واصطلاحاً: عَقْد مُعاوَضَة على تمليك منفعة بعِوَضٍ بما يدلُّ على تمليك المنفعة من لفظٍ أو غيره. الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك للدردير ٤ / ٦.
واستدلَّ المصنف بآية [القصص: ٢٧] على أصل مشروعية الإجارة. انظر: الذخيرة ٥/٣٧١. واستخرج ابن العربي ثلاثين مسألة من هذه الأية، واستنبط منها أحكاماً كثيرة. راجع: أحكام القرآن ٣ / ٤٩٤.
(٧) هنا زيادة ((رواية)) في س، وفي ن زيادة ((الرواية)) . كلتاهما لا حاجة لهما.
(٨) في ق: ((من)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>