للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الله تعالى نسخ وجوب (١) وقوف الواحد للعشرة في الجهاد بثبوته للاثنَيْن، وهما في القرآن (٢) .

الشرح

وثانيها: أن الله تعالى أوجب على المُتَوَفَّى عنها زوجُها الاعْتِدادَ (٣) حَوْلاً بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (٤) ثم نُسِخ بقوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (٥) .


(١) ساقطة من ق، متن هـ.
(٢) هذا الدليل الأول من أدلة وقوع النسخ عند الجمهور، فالآية المنسوخة هي قوله تعالى: { ... إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ..}
[الأنفال: ٦٥] . والآية الناسخة هي قوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٦٦] وقد سبق الكلام عن الخلاف في وقوع النسخ فيها في هامش (٦) ص ٥١.
(٣) الاعتداد لغة: مصدر اعتدَّ، واعتدَّت المرأة عِدَّتها من العدد والحساب. وعِدة المرأة: هي الأيام التي بانقضائها يحل لها التزوج. انظر: المصباح المنير، مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني كلاهما مادة
" عدد ". والعِدَّة اصطلاحاً: مدة منع النكاح لفَسْخِه أو موتِ زَوْجٍ أو طلاقِهِ. حدود ابن عرفة مع شرحه للرصَّاع ١ / ٣٠٥.
(٤) البقرة، من الآية: ٢٤٠.
(٥) البقرة، من الآية: ٢٣٤ وأولها {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} .

ويشار هنا إلى وقوع خلافٍ في نسخ عِدَّة المتوفَّى عنها زوجُها: فقد نقل القرطبي عن القاضي عياض بأن الإجماع منعقد على أن الحول منسوخ، وأن عدتها أربعة أشهر وعشر، ورُوي فيه خلاف عن مجاهد، قال القرطبي: ثم روى ابن جريج عن مجاهد مثل ما عليه الناس، فانعقد الإجماع وارتفع الخلاف. انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٣ / ٢٢٦، وانظر: الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لابن العربي ٢ / ٣١ - ٣٢. وقيل: إن هذا ليس بنسخ، وإنما هو نقصان من الحول فلم يُنسخ الحولُ كله. انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي القيسي ص ١٥٣، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص ٢١٣، وقد أطال الحديث عن هذه الآية أبو جعفر النحاس في كتابه: الناسخ والمنسوخ ٢ / ٧٠. والراجح هو القول بالنسخ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول)) البخاري (٥٣٣٦) مسلم (١٤٨٨) . انظر أدلة كل فريق ومناقشتها في كتاب: الآيات المنسوخة د. عبد الله الشنقيطي ص ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>