للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن التوجه لبيت (١) المَقْدِس ثابتاً بالكتاب (٢) عملاً بالاستقراء (٣) .

الشرح

في كون التوجه لبيت المقدس ليس من القرآن، فيه نظر، من جهة أن القاعدة أن كل بيان لمُجْملٍ يُعدُّ مراداً [من ذلك] (٤) المجمل وكائناً فيه (٥) . والله تعالى قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} (٦) ولم يبين صفتها، فبينها عليه الصلاة والسلام بفعله لبيت (٧) المقدس [فكان ذلك مراداً بالآية، كما أنَّا نقول في قوله عليه الصلاة والسلام: ((فيما سَقَت السماءُ العُشْر)) (٨) بيان لقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (٩) وهو مراد منها،


(١) ساقطة من س.
(٢) اختلف العلماء في قبلة بيت المقدس المنسوخة، هل كانت ثابتة بالكتاب أو بالسنة؟
أ - أكثر العلماء على أن التوجه لبيت المقدس ليس في القرآن ذكره. قال القاضي عياض: ((الذي ذهب إليه أكثر العلماء أنه كان بسنةٍ لا بقرآن)) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي ٥ / ٩، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢ / ١٥١، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص ١٤٩.
ب - رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان عن أمر الله، لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ... }
[البقرة: ١٤٣] ، قال ابن العربي: ((فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس بأمرٍ منه، لأن هذا مما لا يدرك بالاجتهاد ... )) الناسخ والمنسوخ له ٢ / ٤٦.
ثمرة الخلاف: إن كان التوجه بأمر الله فهو نسخ قرآن بقرآن، وإن كان باجتهاده وفعله صلى الله عليه وسلم فهو نسخ سنة بقرآن. انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي ص ١٩١، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص ١٤٦، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي القيسي ص ١٠٩ - ١١٢.
(٣) الاستقراء في اللغة: من القَرْو، واسْتَقْرَيْتَ البلادَ: تَتَبَّعْتَها، تخرج من أرضٍ إلى أرضٍ. انظر لسان

العرب مادة " قرأ ". واصطلاحاً: هو تتبُّع الجزئيات كلِّها أو بعضها للوصول إلى حكمٍ عامٍ يشملها
جميعاً. انظر: الكليات للكفوي ص ١٠٥، حاشية العطار على شرح الخبيصي ص ٢٤٩، وانظر تعريف المصنف له: ص ٥٠٢.
(٤) في ص: ((بذلك)) ، وفي س: ((لذلك)) .
(٥) سبق أن ذكر هذه القاعدة المصنف.
(٦) البقرة، من الآية: ٤٣.
(٧) في ز: ((إلى البيت)) .
(٨) رواه البخاري (١٤٨٣) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَريّاً العُشْر، وما سُقي بالنَّضْج نصف العشر)) .
(٩) البقرة، من الآية: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>