للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند أبي هاشم (١) ليس بإجماع، وهو حجة (٢) . وعند أبي علي بن أبي هريرة (٣) إن كان القائل حاكماً لم يكن إجماعاً ولا حجة، وإن كان غيره فهو إجماع وحجة (٤) .

الشرح

حجة الأول: أن السكوت قد يكون لأنه في مهلة النظر، أو يعتقد أن (٥) قول خصمه مما يمكن أن يذهب إليه ذاهب، أو يعتقد أن كل مجتهد مصيب، أو هو عنده (٦) منكر ولكن يَعْتقد أن غيره قام بالإنكار عنه، أو يعتقد أن إنكاره لا يفيد، ومع هذه الاحتمالات (٧)

لا يقال للساكت موافق للقائل، وهو معنى قول الشافعي رضي الله عنه: ((لا يُنْسب إلى ساكتٍ قولٌ)) (٨) وإذا لم يكن إجماعاً لا يكون حجة، لأن قول بعض الأمة ليس بحجة.


(١) المراد به أبو هاشم بن أبي علي الجبائي. انظر مذهبه في: شرح العمد ١/٢٤٩، المعتمد ٢ / ٦٦.
(٢) وهو مذهب بعض الشافعية كالصيرفي وغيره، وهو اختيار ابن الحاجب. انظر: التبصرة ص٣٩٢، منتهى السول والأمل ص٥٨، البحر المحيط للزركشي ٦/٤٦١.
(٣) في ن: ((هبيرة)) وهو تحريف. وابن أبي هريرة هو: القاضي أبو علي الحسن بن الحسين البغدادي. انتهت إليه إمامة الشافعية بالعراق، تفقه على ابن سريج، وله بعض المصنفات منها: شرح مختصر المزني ت ٣٤٥ هـ. انظر: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي ٣ / ٢٥٦، وفيات الأعيان ٢ / ٧٥.
(٤) وذهب أبو إسحاق المروزي إلى عكس هذا المذهب. انظر المذهبين في: البحر المحيط للزركشي ٦/٤٦٣، ٤٦٥، الإبهاج للسبكي وابنه ٢/٣٨٠.
(٥) ساقطة من ن.
(٦) ساقطة من ق.
(٧) هذه الاحتمالات ذكرها الرازي في المحصول (٤/١٥٣) وأوصلها إلى ثمانية. والمصنف عدَّ منها خمسة.
وانظر: المستصفى ١/٣٥٩، روضة الناظر ٢/٤٩٣، الإبهاج للسبكي وابنه ٢/٣٨١.

ولقد فنَّد هذه الاحتمالات جميعها الآمدي في الإحكام (١ / ٢٥٣) ، وصفي الدين الهندي في نهاية الوصول (٦/٢٥٧٠) . وقال المصنف في نفائس الأصول (٦/٢٦٩١) ((والأصل عدم هذه الاحتمالات، وندرة بعضها يسقطه عن الاعتبار)) .
(٨) هذه من العبارات الرشيقة للشافعي رحمه الله كما قال الجويني في البرهان (١/٤٤٨) فقرة (٦٤٦) . ونص عبارة الشافعي ((لا يُنْسب إلى ساكتٍ قولُ قائلٍ ولا عملُ عاملٍ، وإنما يُنْسب إلى كلٍّ قولُه وعملُه))
الأم ١/١٥٢.
لكن هذا القول ـ الذي صار قاعدة ـ ليس على إطلاقه، لهذا وضع العلماء قيداً فقالوا: لا ينسب إلى ساكتٍ قولٌ، لكنَّ السكوتَ في مَعْرض الحاجة بيانٌ. انظر فروع القاعدة واستثناءاتها في: الأشباه والنظائر للسيوطي ص٢٦٦، شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد بن الشيخ محمد الزرقا ص٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>