ـ ثم إن هذه المسألة تتعلق بدليل الحكم المجمع عليه، والعادة جرت بأن يكون الإجماع على حكم، فهذا الإجماع لا تجوز مخالفته. لكن كيف يكون الأمر لو أجمعوا على دليل الحكم أو تأويلٍ ما فهل يجوز الاستدلال بدليل آخر؟ ? ... تحرير محل النزاع: إذا استدل أهل العصر الأول بدليل أو ذكروا تأويلاً، فلا يخلو الحال من أحد أمور ثلاثة: أ - أن ينصُّوا على إبطال ما عداهما، فلا يجوز حينئذٍ لمن بعدهما إحداث دليل أو تأويل، لما فيه من تخطئة الأمة فيما أجمعت عليه. ب - أن ينصُّوا على صحة الاستدلال بدليلٍ آخر أو ذكر تأويلٍ آخر، فيجوز لمن بعدهم إحداث دليل جديد أو تأويل جديد.
جـ - أن يسكتوا عن الأمرين، فهذه صورة النزاع. جمهور العلماء على الجواز إذا لم يلزم منه إبطال دليل أو تأويلٍ للعصر الأول وإلا فلا. وقلَّة من العلماء على المنع مطلقاً. وفي المسألة أقوال أخرى، ذكرها الزركشي في البحر المحيط (٦ / ٥١٤) . انظر المسألة في: المعتمد ٢/٥١، الوصول لابن برهان ٢/١١٣، الإحكام للآمدي ١/٢٤٦، منتهى السول والأمل ص٦٢، المسودة ص٣٢٨، تحفة المسؤول للرهوني القسم ١ / ٥١٩، التوضيح لحلولو ص٢٨١، تيسير التحرير ٣/٢٥٣. (٢) أي مثال التأويل. (٣) ومثال اللفظ المشترك: القُرْء فهو موضوع للطُّهْر والحيض. فإذا فسَّره أهل العصر الأول بالطُّهر فلا يجوز ـ عند الرازي لأهل العصر الثاني تفسيره بالحيض، لأنه يؤدي إلى إبطال تفسير أهل العصر الأول لعدم إمكان اجتماعهما. انظر: رفع النقاب القسم ٢/٥١٥.أما المصنف فإنه يرى جواز حمل المشترك على معنييه. وقدسبقت منازعة المصنفِ للرازي في هذه المسألة ص (١١٤) من هذا الكتاب المطبوع. وانظر أيضاً: نفائس الأصول ٢/٧٤٠ ففيه توسُّع. (٤) في ن، س ((فأحدهما)) . والمثبت أنسب، لأن الواو حالية. (٥) انظر المحصول ٤/١٦٠.