للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت المعتزلة: لفظ الكذب ليس موضوعاً لعدم المطابقة كيف كانت (١) ، بل لعدم المطابقة مع القصد لذلك (٢) ، وبهذه الطريقة تثبت الواسطة، فإنه قد لا يكون مطابقاً ولا يقصد ذلك (٣) ولا يعلم؛ فلا يكون صدقاً لعدم المطابقة ولا كذباً لعدم القصد [لعدم المطابقة] (٤) .

حجتنا (٥) : قوله عليه السلام: "مَنْ كَذَب عليّ متعمِّداً فَلْيتَبَوأْ مَقْعَدَه من النَّار" (٦) . فلما قيدَّه بالعَمْد دل (٧) على تصوره بدون العمد، كما قال تعالى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكم مُتَعَمِّداً} . (٨)

وقال عليه السلام: "كفى بالرجل كذباً أنْ يُحدِّث بكلِّ ما سمع" (٩) ، فجعله كاذباً إذا حدَّث بما سمع، وإن كان لا يعلم عدم مطابقته، فدل على أن القصد لعدم المطابقة ليس (١٠) شرطاً في تحقق (١١) مسمَّى

الكذب.

حجة المعتزلة: قوله تعالى حكاية عن الكفار "أَفْتَرَى على اللهِ كذباً أمْ به


(١) في ق: ((كان)) .
(٢) في نسبة هذا القول للمعتزلة تجوُّزٌ، إذ المنقول في كتب الأصول أنه مذهب الجاحظ، وبعضها تذكر شيخه النظَّام. أما باقي المعتزلة، فقال أبوالحسين في المعتمد (٢/٧٦) : "وعند جماعة شيوخنا أن الخبر إما أن يكون صدقاً أو كذباً ـ ثم قال ـ ولقد أفسد قاضي القضاة قول أبي عثمان ... ". أي الجاحظ.
(٣) في ن: ((لذلك)) .
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من ن.
(٥) في ن: ((حجتها)) ربما كان وجهه عود الضمير إلى طائفة أهل السنة.
(٦) رواه البخاري (١١٠) ومسلم (٣٠٠٤) . بل هو متواتر. انظر: قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي ص٢٣، نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتَّاني ص٣٥. ورد في بعض النسخ مثل نسخة ن، س، و "من كذب علي عامداً متعمداً ... " وهي إحدى روايات الحديث، أخرجها أبونعيم الأصفهاني في حلية الأولياء ٨/٥٢.
(٧) هنا زيادة: ((ذلك)) في س.
(٨) المائدة، من الآية: ٩٥
(٩) رواه مسلم (٥) بلفظ ((كفى بالمرء ... )) بدلاً من ((الرجل)) .
(١٠) في ن، س ((ليست)) .
(١١) في ق، س ((تحقيق)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>