للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مذهب مالك في تقديم القياس على خبر الواحد قولين (١) ،

وعند الحنفية

قولان (٢) أيضاً (٣) .

حجة تقديم القياس: أنه موافق للقواعد من جهة تضمُّنه تحصيل (٤) المصالح أو دَرْء المفاسد، والخبر المخالف له يمنع من ذلك فيُقدَّم الموافِق للقواعد على المخالِف لها (٥) .

حجة المنع: أن القياس فرع النصوص والفرع لا يُقدَّم على أصله.


(١) نصَّ الباجي في إحكام الفصول ص (٦٦٦) على أن تقديم القياس هو قول أكثر المالكية، لكنّه قال في
ص (٦٦٧) : ((والذي عندي أن الخبر مُقدَّم على القياس)) .
ونقل حلولو عن القاضي عبد الوهاب في " الملخص " أن تقديم الخبر هو قول المتقدمين من المالكية، كما
نقل عن القاضي عياض أن تقديم الخبر هو مشهور مذهب مالك. انظر: التوضيح شرح التنقيح

ص ٣٣٣. ولعل مرد الخلاف في تحرير مذهب مالك في المسألة أن القياس يأتي بمعناه المعهود، كما يأتي بمعنى القاعدة من قواعد الشرع، ولهذا قال ابن العربي: ((وهذا ينبني على مسألة من أصول الفقه، اختلف قوله - أي الإمام مالك - وهي إذا جاء خبر الواحد معارضاً لقاعدة من قواعد الشرع، هل يجوز العمل به أم لا؟ ... وتردد مالك في المسألة، ومشهور قوله والذي عليه المعول أن الحديث إنْ عضدته قاعدة أخرى قال به، وإن كان وحده تركه)) القبس في شرح موطأ مالك بن أنس ٢ / ٨١٢.
(٢) في س: ((قولين)) وهو متَّجه باعتبار الواو عاطفة في قوله: ((وعند الحنفية ... )) . لكن الصحيح أنها استئنافية ابتدائية، فالصحيح اختيار لفظة ((قولان)) لأن الكتابين السالفين الذكر لم يحكيا مذهب الحنفية.
(٣) الأحناف لهم تفصيل في المسألة على النحو التالي، منهم من قال: إن خالف القياسُ الخبرَ قُدِّمَ القياس عليه. ومنهم من قال: إن كان الراوي للخبر معروفاً بالفقه قُبِل خبره سواء وافق القياس أو خالفه، وإن عُرِف بالرواية فقط - كأبي هريرة وأنسٍ رضي الله عنهما - فإن وافق القياسَ قُبِل، وكذا إن وافق قياساً وخالف آخر، لكن إن خالف جميع الأقيسة لم يُقبل ... إلى آخر التفصيلات. لكن قال الكاكي: ((واعلم أن اشتراط فقه الراوي لتقديم الخبر على القياس مذهبُ عيسى بن أبان، واختاره أبو زيد، وخرَّج عليه حديث المُصرَّاة، وتابعه أكثر المتأخرين. فأمَّا الكرخي ومن تابعه من أصحابنا فليس فقه الراوي بشرط التقديم، بل يُقبل خَبَر كلِّ عَدْل ضابطٍ إذا لم يكن مخالفاً للكتاب والسنة المشهورة، ويُقدَّم على القياس، قال أبو اليسر: ((وإليه مال أكثر العلماء)) جامع الأسرار ٣ / ٦٧٣، وكذا: فتح الغفار ٢ / ٨٢،
وانظر: أصول السرخسي ١ / ٣٣٨، الغنية في الأصول للسجستاني ص ١١٩، المغني في أصول الفقه للخبازي ص ٢٠٧، كشف الأسرار للنسفي ٢ / ٢١، كشف الأسرار للبخاري ٢ / ٦٩٨، التقرير والتحبير ٢ / ٣٩٨، فواتح الرحموت ٢ / ٢٢٧.
(٤) في س، ق: ((لتحصيل)) .
(٥) انظر: نفائس الأصول ٧ / ٢٩٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>