للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعلتين فأكثر، [وبغير علة] (١) وبعلتين فأكثر، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ثم إن المصالح قد تتقاضى ذلك في وصفين، كما قلنا في الصغر والبكارة، فينص الشرع (٢) عليهما، وعلى استقلال كل واحد (٣) منهما تحصيلاً لتلك المصلحة وتكثيراً لها.

حجة المنع: أنه (٤) لو عُلِّل الحكم بعلتين لاجتمع على الأثر الواحد مؤثران مستقلان وهو محال، وإلا لاسْتُغْني بكل واحد منهما عن كل واحد (٥) منهما، فيلزم أن يقع بهما حالة عدم وقوعه بهما، [وأن لا يقع بهما حالة وقوعه بهما] (٦) ، وهو جمع بين النقيضين؛ لأن [الوقوع بكل] (٧) واحد منهما سَبَّبَ (٨) عدم الوقوع من الآخر، فلو حصل العلتان وهو الوقوع بهما لحصل المعلولان وهو عدم الوقوع بهما.

ولأن تعليل الحكم بعلتين يفضي إلى نقض العلة وهو خلاف الأصل (٩) .


(١) ساقطة من س، ن. ومسألة جواز خلو الحكم عن علّة يقول بها من يجوّز خلو أفعال الله تعالى وأحكامه عن الحِكَم والمصالح، وهم الأشاعرة والظاهرية. انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ص ٤٧٠، الإرشاد للجويني ص ٢٤٧، الفصل في الملل والنِحَل لابن حزم ٣ / ٢١٠. وهذا القول منهم أوقعهم في التناقض إذ مبنى القياس على العلّة، أشار إليه الشاطبي في الموافقات (٢ / ١١) . بل إن ابن الحاجب
- وهو أشعري - حكى الإجماع على أن حكم الأصل لابد له من علّة، انظر: منتهى السول والأمل
ص (١٨١) . والحق أن أفعال الله تعالى وأحكامه جميعها معللة، خَلَق وأمر لغاياتٍ مقصودة وحِكَمٍ محمودة ولو خفيت علينا، لكن لا يخلو حُكْم عن علة أو حكمة، وهذا قول السلف وأكثر أهل
الحديث، ونسبه ابن تيمية إلى أكثر الناس من أتباع المذاهب الأربعة، ونسبه ابن القيم إلى أهل التحقيق من الأصوليين والفقهاء والمتكلمين، وبه قالت المعتزلة، لكن ليس على طريقة أهل السنة. انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ٥٠٩، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٨ / ٨٩، مفتاح دار السعادة لابن القيم ٢ / ٤١٠، المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين للشيخ د. محمد العروسي ص ٧١.
(٢) في ق: ((الشارع)) .
(٣) في ق: ((الواحدة)) والمثبت أولى؛ لأنه صفة " للوصف " وهو مذكر.
(٤) هذا الدليل الأول
(٥) في ق: ((واحدة)) وهو خطأ؛ لأنها لم تأتِ على نسقٍ واحد مع ما قبلها وما بعدها، والأولى التذكير وصفاً للأثر.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(٧) في ق: ((وقوع كلّ)) .
(٨) في ق: ((يُسبِّب)) ، وفي ن: ((سَلَب)) وكلاهما متَّجه.
(٩) هذا الدليل الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>