للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانه: أنه إذا وجدت إحدى العلتين ترتَّب عليها (١) الحكم، فإذا وُجِدت

الأخرى بعدها لا يترتب عليها شيء، فقد وجدت العلة الثانية بدون الترتُّب (٢) لتقدُّم الترتّب (٣) عليها بناء على العلة الأخرى، فيلزم وجود العلة بدون مقتضاها، وهو نقض

عليها (٤) .

والجواب عن الأول: أن علل الشرع معرِّفات لا مؤثرات (٥) ، والمحال المذكور إنما يلزم من المؤثرات، ويجوز اجتماع معرِّفين (٦) فأكثر على مدلول واحد، كما يُعرَف (٧) الله تعالى وصفاته العُلا بكل جزء من أجزاء العالم (٨) .


(١) ساقطة من س.
(٢) في س، ن: ((الترتيب)) وهو صحيح أيضاً، لكن مصدر ترتَّبَ هو الترتُّب، والترتيب هو اسم المصدر منه. انظر قاعدة اشتقاق المصدر واسم المصدر في: شرح التسهيل لابن مالك ٣ / ١٢٢.
(٣) في ن: ((الترتيب)) .
(٤) في ق: ((عِلِّيَّتها)) وهو صواب أيضاً.
(٥) سبقت الإشارة في تعريف العلة أن الاختلاف في تعريفها مبني على مسألة تعليل أفعال الله وأحكامه. انظر: هامش (١) ص (٣٢٠) ، وهامش (١) ص (٣٦٤) . فالتعبير عن العلة الشرعية بأنها مؤثرة وموجبة للحكم بجعل الله لها ذلك، أو باعثة على الحكم، أو معرِّفة له كل هذه المعاني صحيحة ومقبولة، ومن قال بأنها مؤثرة بذاتها - وهو منسوب إلى المعتزلة - فقوله باطل؛ لأن فيه سلباً لقدرة الله تعالى، وربما كان هذا مبالغةً منهم في مقابل خصومهم الأشاعرة الذين نفوا تعليل أحكام الله وأفعاله، وتأثير الأسباب في مسببَّاتها. ولهذا لا يرتضي أهل السنة أن تكون علل الأحكام مجردَ علاماتٍ معرِّفةٍ وأماراتٍ سَاذَجةٍ عاطلةٍ عن الإيجاب، مسلوبةِ التأثير، بل هي موجِبةٌ للمصالح ودافعةٌ للمفاسد. أما وجه كون هذه الإطلاقات للعلة مقبولة فبالنظر إلى اعتبارات مختلفة، فمن حيث إن المكلف يتعرف بواسطتها على الحكم فهي معرِّفة وعلامة وأمارة، ومن حيث إن الحكم المبني عليها يحقق مصلحة للعباد فهي موجبة ومؤثرة وباعثة على الحكم لكن بجعل الله لا بذاتها. والله أعلم. انظر: المسودة ص ٣٨٥، بحث:
" حقيقة الخلاف في التعليل بالحكمة وأثره في الفقه الإسلامي " لفضيلة شيخنا الدكتور علي الحكمي، بمجلة جامعة أم القرى، السنة السابعة، العدد التاسع ١٤١٤ هـ، المسائل المشتركة للشيخ الدكتور / محمد عبد القادر.
(٦) في س: ((معرفتين)) .
(٧) في ن: ((نَعْرِف)) .
(٨) في س: ((العلة)) وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>