للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الشيخ الإمام عِزُّ الدين بن عبد السلام (١) قدّس الله روحه من الشافعية يقول في هذا الفرع: إنه آثمٌ من جهة [أن كل واحد يجب عليه] (٢) ألاَّ يُقْدِم على فعلٍ حتى يعلم حكم الله تعالى فيه، وهذا أَقْدَم غير عالم، فهو آثم بترك التعلُّم (٣) ، وأما تأثيمه بالفعل نفسه، فإن كان مما عُلِم من الشرع قُبْحُه أثَّمْنَاه وإلا فلا (٤) .

وكان يُمثِّلهُ بما اشْتَهر قُبْحه كتلقي الرُّكْبَان (٥) وهو من الفساد على الناس ونحو ذلك.

الصورة الثانية وما بعدها من الصور المستثناة من تحريم التقليد

ص: الثانية: قال ابن القصار: يُقلَّد القائِفُ (٦) العَدْل عند مالك رحمه الله، ورُوِى لابدَّ من اثنين (٧) .


(١) هو عبد العزيز بن عبد السلام بن القاسم بن الحسن السُّلَمي الشافعي، المشهور بالعز بن عبد السلام، وسلطان العلماء، الفقيه الأصولي المحدِّث، درس الأصول على الفخر الرازي وسيف الدين الآمدي، والحديث على ابن عساكر، تولَّى قضاء مصر عدة مرات وكان يُعزل أو يعزل نفسه، وكان صارماً على الولاة لا تأخذه في الله لوم لائم. من مؤلفاته: قواعد الأحكام في مصالح الأنام (ط) ، الإمام في بيان أدلة الأحكام (ط) وغيرهما. ت سنة ٦٦٠ هـ. انظر: طبقات الشافعية الكبرى ٨ / ٢٤٨، النجوم الزاهرة ٧ / ٢٠٨.
(٢) ن، ق: ((أنه يجب على كل أحدٍ)) .
(٣) في ق: ((التعليم)) وهو تحريف، لأن المراد أن يكوم متعلماً: ((لامعلَماً)) .
(٤) قال الشوشاوي: ((أما تأثيمه من جهة نفسه، فالأولى ألاَّ يؤثم - وإن كان مما عُلم في الشرع قبحه - إذا كان الفاعل غير عالم؛ لأن التكليف مع عدم العلم تكليف بما لا يطاق، فالأولى تفويض ذلك إلى الله حتى يدل الدليل القاطع على التأثيم)) . رفع النقاب القسم ٢/١١٠٥.
(٥) تلقي الرُّكْبان هو تلقي السِّلَع من القادمين بها فيُبْتاع منهم قبل ورود أسواقها ومواضع بيعها. انظر: المنتقي للباجي ٥/١٠١
(٦) القائف لغة: اسم فاعل من قاف يقوف قيافةً، وهو الذي يتتبع الآثار ويعرف شَبَه الرَّجِل بأخيه وأبيه. انظر مادة "قوف " في: النهاية في غريب الحديث والأثر، لسان العرب. واصطلاحاً القيافة: اعتبار الشبه في إلحاق النسب. حاشية البناني على شرح الزرقاني لمختصر خليل ٦/١١٠.
(٧) وانظر: المقدمة في الأصول ص ١٤ - ١٥، وانظر: تقريب الوصول ص٤٥١، التوضيح لحلولو ص ٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>