للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى المذهب الثالث (١) ، وهو القول بالأشْبَه: أنه ليس في نفس الأمر حكم (٢) معين وإنما في نفس الأمر ما لو عيَّن الله شيئاً لعيَّنه، فهو أشبه الأمور بمقاصد الشريعة، كما تقول (٣) : لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الزمان رجل صِدِّيق [خَيِّر، لو أن الله تعالى يبعث نبياً لبعثه] (٤) . والقول (٥) الآخر يقول: ليس في نفس الأمر شيء هو أشبه، والظاهر هو الأول، فإن الأفعال المُتَخيَّلة لا تخلو عن الرجحان في بعضها. والقول الثاني يقول (٦) : إذا لم يُعيِّن الله تعالى شيئاً استوت الأفعال، كما أن المباحات كلها مباحة (٧) لم تختلف وإن كانت مصالحها مختلفة.

حجة الدليل القطعي على الحكم في نفس الأمر: أن تكليف الكل بشيء معين يعتمد دليلاً يظهر (٨) للكل وما ذاك إلا القطعي، أما الظني فتختلف فيه القرائح.

حجة الدليل الظني: أن الله سبحانه وتعالى امتحن الخلق بذلك الحكم في نفس الأمر، وأمرهم ببذل الجهد في طلبه، فلولا أنه ودليلَهُ في غاية الخفاء لعَرَفَه الكلُّ، فزال الامتحان، وليس كذلك.

حجة أنه ليس عليه دليل لا ظني ولا قطعي: أنه لو كانت عليه أمارة لفهمها الكل، ألا تري أن المطر إذا كانت عليه أمارة علمها الكلُّ، لكن الحكم ليس كذلك، فلا أمارة عليه.

وقول بِشْرٍ باستحقاق العقاب إذا أخطأه؛ لأنه يجعل التقصير من جهته، ومن قَصَّر استحقَّ العقاب.

حجة الجمهور: قوله عليه الصلاة والسلام ((إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجْرٌ وإنْ


(١) اعتبار هذا المذهب ثالثاً أمرٌ نسبيٌ، وهو يختص بالأحكام الشرعية. فالمذهب الأول (للمخطئة) هو: أن لله حكماً معيناً في نفس الأمر. والمذهب الثاني (لبعض المصوّبة) هو: ليس لله حكمٌ معينٌ راجحٌ هو أشبه، بل هي على السواء. وسيتضح هذان المذهبان في الشرح التالي.
(٢) ساقطة من ن
(٣) ساقطة من ق
(٤) ما بين المعقوفين في ق هكذا: ((لو بعث الله تعالى نبياً لبعثه)) .
(٥) ساقطة من ق
(٦) ساقطة من ق
(٧) هكذا في ص، و، ش. وفي ن: ((مباحات)) وهو صحيح أيضاً. وفي ق، س: ((مباحت)) وهو تحريف.
(٨) في ن: ((ظاهراً)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>