للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصاب فله أجران)) (١) فجعل الثواب مع الخطأ، فلا عقاب حينئذٍ.

وأما قول الأصمِّ: إنه (٢) يُنْقَض قضاء القاضي إذا خالفه، فهو في غاية العُسْر من جهة تصوُّره، بسبب أن هذا الحكم غير معلوم، [وكذلك دليله. ونحن وإن قلنا إن المصيب واحد، فهو غير معلوم] (٣) ، ونقض قضاء (٤) القاضي إنما يكون بما يتحقق،

وما لا يتحقق كيف يُنْقَض به القضاء؟! فهذا المذهب مُشْكل (٥) .

وأما قول المصوِّبة: إنه يجب عليه اتباع ظنه وإن خالف الإجماع فمسلَّمٌ، ولكن الأحكام التي على ألْسنة المجتهدين وظنونهم متَّفقٌ عليها وأنها أحكام الله تعالى، والنزاع في ثبوت أمر آخر في نفس الأمر غيرها، فما أقاموا فيه الدليل لا نزاع فيه، وما فيه النزاع لم يقيموا الدليل عليه، فلا ينبغي أن يقيموا الدليل على أن هذه أحكام الله تعالى، بل [يقيمون (٦) الدليل] (٧) على أنه ليس لله تعالى حُكْمٌ آخر (٨) غيرها فإنه محل النزاع،


(١) رواه البخاري (٧٣٥٢) ، ومسلم (١٧١٦) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) . وأقرب لفظ وجدته قريباً من لفظ المصنف ما رواه أبو يعلى في " المعجم " ص (١٩٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه ((إذا اجتهد الحاكم فأخطأ كان له أجر، وإذا اجتهد فأصاب كان له أجران)) . وكذلك ما رواه ابن الجارود في " المنتقى " ص (٢٤٩) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران اثنان، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد)) .
(٢) ساقطة من ن
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من س
(٤) ساقطة من س
(٥) وأيضاً يلزم من نقض قضاء القاضي في الاجتهاد تسلسل النقض إلى غير نهاية، مما يؤدي إلى اضطراب الأحكام، وتفويت مصلحة نصب الحاكم، وحطِّ منزلة القضاء في نفوس الناس. انظر: المستصفى ٢/٦٠٦، منتهى السول والأمل ص ٢١٦، جمع الجوامع بحاشية البناني ٢/٣٩٢، تيسير التحرير ٢/٢٣٤. وستأتي هذه المسألة في الفصل التالي ص ٤٧٧.
(٦) في س: ((يقيموا)) والمثبت هو الصواب، لأن ((بل)) إذا دخلت على الجملة صارت حرف ابتداءٍ لا عاطفة على الصحيح. انظر: مغني اللبيب لابن هشام ١ / ٢٢١.
(٧) ساقط من ق
(٨) ساقطة من ن، س

<<  <  ج: ص:  >  >>